جولولي

اشترك في خدمة الاشعارات لمتابعة آخر الاخبار المحلية و العالمية فور وقوعها.

أحمد فؤاد نجم.. موهبة منطلقة بين ملجأ ومعتقل.. وغرفة على جبل

الخميس 05 ديسمبر 2013 | 02:04 مساءً
القاهرة - Gololy
927
أحمد فؤاد نجم.. موهبة منطلقة بين ملجأ ومعتقل.. وغرفة على جبل

  هناك أشخاص يملأون الدنيا صخبًا لدرجة أنك تظن أن الموت لا يستطيع أن يقترب منهم وأحمد فؤاد نجم كان واحد من هؤلاء لكن الموت حق وحقيقة وعندما جاءت اللحظة غيب الشاعر الكبير الذي ملأ الدنيا صخبا بأشعاره ومعاركه وتصريحاته ومواقفه.

 لم تكن ملامح نجم تنبئ بعبقرية بالغة أو بمستقبل مشرف، لذلك لم تعبأ أسرة نجم بمولودها الجديد الذي جاء إلى الدنيا في مايو عام 1929؛ حيث كان لديهم ما يكفي من الأبناء، ولم تهتم بالتالي لحصوله على قسط وافر من التعليم، خاصة بعد رحيل الأب.

 نجم انتقل إلى منزل خاله بالزقازيق وبعدها أودع بملجأ للأيتام مع العندليب الراحل عبد الحليم حافظ، وبعدما انتقل من مرحلة الطفولة إلى الصبا خرج للحياة وحيدًا، و«الكامب الإنجليزي» كان أول طريقه للعمل وللثورة أيضًا؛ حيث اختلف مع قائد المعسكر لاشتراكه في المظاهرات ورفض المساومة بأمواله مقابل حريته.

 «الرفيق نجم»

 تنقل الشاعر الراحل بين عدة وظائف مثل «عطشجي» بالسكة الحديدية، «مكوجي»، «لاعب كرة» و«عامل بناء» و«ترزي»، حتى جاءت الوظيفة التي فتحت له الطريق أمام المعرفة والوعي السياسي؛ حيث عمل بـ«مطابع فايد» في الإسماعيلية، وهناك التقى بعضًا ممن لهم اتجاهات شيوعية وأعجبهم حماسه ووطنيته وساعدوه على تعلم القراءة والكتابة، وأصبح من وقتها «الرفيق نجم».

وخلال عام 1946 اشترك في المظاهرات التي اجتاحت مصر، وبعدها تشكلت «اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال»، وكان إمام أول المؤسسين لتلك اللجنة، واستفاد خلال تلك الفترة من أهم قراءاته التي شكلت وعيه مثل رواية «الأم» لمكسيم جوركي، وعنها قال إمام: «الرواية مرتبطة في ذهني ببداية وعيي الحقيقي والعلمي بحقائق هذا العالم، والأسباب الموضوعية لقسوته ومرارته، ولم أكن قد كتبت شعرًا حقيقيًا حتى ذلك الحين وإنما كانت أغان عاطفية تقليدية».

 «قضية وجائزة»

 نسائم 23 ثورة يوليو 1952 لم تشبع شغفه في الحرية والاستقلال، وقرارات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الداعمة للطبقات الفقيرة لم تجعله يغض الطرف عن أداء الدولة المصرية الجديدة خاصة تجاه «الشيوعية»؛ حيث سرعان ما وقع الصدام بينهم عام 1959، وتم اعتقاله مع 4 من زملائه بمصلحة البريد آنذاك، وتعرضوا للتعذيب حتى أنه رأى أحد أصدقائه يموت أمام عينيه.

 ثم لفقت ضده تهمة الاختلاس والتزوير لعدم موافقته على الشهادة ضد زميله القتيل، وحُكم عليه بالسجن 3 أعوام، وفور الإفراج عنه فاز بمسابقة الكتاب الأول التي ينظمها «المجلس الأعلى للفنون و الآداب»، وصدر ديوانه الشعري الأول «صور من الحياة والسجن».

 «الطريق إلى الشيخ إمام»

 سؤال بسيط كان السبب في تكوين الثنائي الفني المميز بينهما، حيث تساءل نجم في أول زيارة إلى الشيخ إمام عام 1962 في حارة «حوش آدم»: «لماذا تغني ألحان زكريا أحمد؟! فألحانك أولى بذلك»، فأجابه الشيخ الضرير أنه لم يجد الكلمات المناسبة ليلحنها، وهنا اجتمع الاثنان نجم بكلماته النارية وإمام بألحانه المبدعة وقدما: «أنا أتوب عن حبك»، «عشق الصبايا»، «ساعة العصاري»، وظلّا كذلك حتى وفاة الشيخ إمام عام 1995، رغم فترات الانفصال والعودة.

 ولكن الثنائي شهد تطورًا محوريًا عقب هزيمة يونيو 1967؛ حيث هاجما السلطة بأشرس ما يكون وقدما «بقرة حاحا» و«الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا» وسخرا للمرة الأولى من جمال عبدالناصر، فتم اعتقالهما لاتهامهما بتعاطي الحشيش عام 1969، ولكنهما بالفعل كانا أول سجناء للأغنية في مصر، وخلال تلك الفترة جابا معظم السجون المصرية، ولم يطلق سراحهما إلا بقرار من الرئيس محمد أنور السادات وضمن آخر 4 معتقلين في السجون المصرية.

 «الشاعر البذيء»

 السلطات المصرية في أيام السادات أدركت خطورة نجم وإمام السياسية والاجتماعية، وحاول مسئولو إذاعة «صوت العرب» إغرائهما بعرض عمل ذو مقابل مادي كبير ولكنهما رفضا، وبعد نصر أكتوبر 1973 خرجت أغاني نجم وإمام لتدعم أبنائها الذين حاربوا وانتصروا وليس للقادة كما فعل الآخرين، وجاءت أيقونة النصر «مصر ياما يا بهية».

 الشاعر المصري، الذي اختارته «المجموعة العربية لصندوق مكافحة الفقر» سفيرًا لـ«الفقراء»، لم يهادن أي سلطة أو حكومة تعاقبت على مصر؛ فعلى الرغم من انتصار الجيش المصري بقيادة أنور السادات في أكتوبر 1973، إلا أنه وضع قصيدتي «أواه» و«إحنا معاك» لمهاجمة السادات، فأطلق عليه الأخير «الشاعر البذيء».

 ولم يختلف الحال كثيرًا مع الرئيس الأسبق حسني مبارك؛ حيث هاجم «الفاجومي» مشروعه «توريث الحكم» لنجله جمال مبارك، ونظم عدة قصائد هجومية لمبارك وزوجته سوزان ونجليهما علاء وجمال بعنوان: «سيدي الرئيس»، «جوزي فل الفل»، «مبروك يا عريسنا».

 وقود الثورة

 وفي منتصف عام 2010 انضم الشاعر المصري لأول مرة في تاريخه النضالي لحزب سياسي وهو حزب «الوفد»، وقد عاصر أزمة الإعلامي إبراهيم عيسى مع رئيس الحزب الجديد آنذاك السيد البدوي، بسبب مقال الأول عن مبارك، وبعد أن اتخذ البدوي قرارًا بفصل عيسى من جريدة «الدستور» استقال «العم نجم» من الحزب تضامنًا مع صحفيي الجريدة، ومنهم ابنته نوارة نجم، والذين استقالوا تضامنوا مع موقف عيسى.

 وفي أحداث ثورة 25 يناير2011، كانت أشعار نجم حاضرة في ميدان التحرير يتغنى بها الشباب رغم فارق السنوات الكبيرة بينهم، ثم كان أحد مؤسسي حزب «المصريين الأحرار».

 وبوصول الرئيس ذو التوجه الإسلامي محمد مرسي إلى الحكم عارضه نجم بشدة ولكن تلك المرة دون قصائد، وكان أول الموقعين على استمارة «تمرد» لعزله عن الرئاسة.

 زوجات وبنات

 أما عن حياته الشخصية، فقد تزوج «الفاجومي» أكثر من مرة، أولها من السيدة فاطمة منصور وأنجب ابنته عفاف، ثم الكاتبة الصحفية صافيناز كاظم، منجبًا منها الناشطة السياسية نوارة نجم، والتي أسماها «نوارة الانتصار» بعد ميلادها أثناء حرب 6 أكتوبر1973، وتزوج أيضًا الفنانة عزة بلبع، والجزائرية سونيا مكيوي، وأخيرًا السيدة أميمة عبد الوهاب وأنجب منها ابنته زينب.

 رحل أحمد فؤاد نجم فقيرًا بسيطًا في منزل متواضع بجبل المقطم لكنه رحل أيضا غنيا بتاريخه النضالي وأشعاره الوطنية وأغانيه التي يفوح منها تاريخ الوطن وهموم مواطنيه.

 

نوارة نجم و احمد فؤاد نجم
احمد فؤاد نجم والشيخ امام
احمد فؤاد نجم والشيخ امام
احمد فؤاد نجم والشيخ امام
احمد فؤاد نجم والشيخ امام
احمد فؤاد نجم