جولولي

اشترك في خدمة الاشعارات لمتابعة آخر الاخبار المحلية و العالمية فور وقوعها.

مارجريت تاتشر

مارجريت تاتشر

أول امرأة تشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا في القرن العشرين، وذلك منذ عام 1979 وحتى العام 1990، لتكون بذلك صاحبة أطول فترة رئاسية بالتاريخ البريطاني بأسره، كما أنها المرأة الوحيدة التي تولت هذا المنصب حتى الآن كما تميزت فترة حكمها التي امتدت لما يقرب من 11 عامًا بأسلوب من الحزم والمواجهة أحيانًا، وقد ترك إرثها السياسي تأثيره الواضح على من خلفها في الحكم، سواء من حزب المحافظين أو حزب العمال، ليصبح أسلوبها بعد ذلك علامة مسجلة باسمها «تاتشريزم» ولدت مارجريت هيلدا في 13 أكتوبر عام 1925 بمدينة جرانثام بمقاطعة لينكونشاير حيث قضت طفولتها، ووالدها هو ألفريد روبرتس ووالدتها هي بياتريس اثيل، ولأن والدها كان عضوًا بحزب المحافظين البريطاني وعضوًا بالمجلس المحلي عامي 1945 و1946، فكان له تأثيره الواضح على حياتها وعلى السياسات التي تبنتها مارجريت فيما بعد، وفي حديثها عن والدها ذات مرة، قالت: «يرجع الفضل بالطبع إلى أبي في كل شيء لقد عمل على تنشئتي وغرس لدي كل القيم التي أؤمن بها الآن»، ولكن والدها خسر وظيفته عام 1952، بعد فوز حزب العمل بأغلبية المجلس التحقت مارجريت بمدرسة Huntingtower Road الابتدائية، وبسبب تقاريرها الدراسية الجيدة التي أظهرت جهدًا مميزًا وتطويرًا مستمرًا، حصلت وقتها على منحة دراسية للمتميزين، ولم يقتصر تفوقها على المواد الدراسية فقط؛ إذ أبدت استعدادًا هائلًا في العزف على البيانو وممارسة السباحة والهوكي وحضور الأمسيات الشعرية، وقد اختيرت كفتاة مثالية عام 1942 وفي السنة السادسة من تعليمها العالي تقدمت بطلب للحصول على منحة لدراسة الكيمياء بكلية سومرفيل في جامعة أكسفورد، ولكن طلبها باء بالرفض لاكتمال الأعداد، وبعد انسحاب أحد الطلاب تمكنت من الالتحاق بالمنحة عام 1943، وبعد أربع سنوات حصلت على درجة بكالوريوس العلوم مع مرتبة الشرف الثانية من قسم الكيمياء بالجامعة، وفي عامها النهائي تخصصت في مجال X-ray crystallography، كما أصبحت ثالث سيدة تشغل منصب رئيس جمعية المحافظين بالجامعة وبعد التخرج عملت في قطاع البحث الكيميائي بمجال الصناعات البلاستيكية، كما التحقت أيضًا بالمنظمة المحلية التابعة لحزب المحافظين وحضرت مؤتمر الحزب عام 1948 ممثلةً عن جمعية محافظي خريجي الجامعات، والتقت مصادفةً بأحد زملائها بالجامعة وكان صديقًا لرئيس رابطة المحافظين بمقاطعة كينت، والذي كان يبحث بدوره عن أعضاء جدد متحمسين، فأعجب بها كثيرًا وبتصميمها وطلب منها الانضمام إليهم، على الرغم من كونها لم تكن ضمن المرشحين بقائمة الحزب المعتمدة بالفعل وفي يناير عام 1951 تم اعتمادها بالقائمة النهائية للمرشحين، وأثناء التغطية الإعلامية لانتخابات الحزب لاقت مارجريت اهتمام الجميع لصغر سنها ولكونها المرأة الوحيدة المرشحة، وفي حفل العشاء الذي أقامه الحزب بعد ذلك التقت دينيس تاتشر وهو رجل أعمال ثري ومطلق، وهو الذي دعمها بشدة في رحلتها بعالم السياسة، حتى كان شهر ديسمبر من العام 1951 وتزوج مارجريت ودينيس ليصبح لقبها فيما بعد «مارجريت تاتشر» وأنجبا توأم هما كارول ومارك وخاضت تاتشر عدة محاولات للفوز بعضوية البرلمان البريطاني دون جدوى، لكن محاولاتها كُللت بالنجاح عام 1959؛ حيث انتخبت كعضو ممثل لحزب المحافظين في البرلمان عن مقاطعة فينشلي، وبعد عدة أعوام كنائبة برلمانية تولت حقيبة التعليم والعلوم الوزارية عام 1970، تحت رئاسة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق تيد هيث، ونجحت بسياساتها الحازمة في جذب انتباه الجميع إليها خاصة بعدما قررت إلغاء الدعم عن حليب الأطفال بالمدارس، ولقبها معارضوها من حزب العمل آنذاك بعد ذلك ب«سارقة الحليب» وبعدها صرحت تاتشر قائلةً: «لقد تعلمت درسًا قيمًا من تلك التجربة لقد حصدت الحد الأقصى من الكراهية مقابل الحد الأدنى من المنافع السياسية» إلا أن عدم التزام هيث بالسياسات الاقتصادية لحزب المحافظين، دفع تاتشر لمنافسته على زعامة الحزب حتى فازت بزعامة الحزب في 11 فبراير عام 1975، وفي خطبتها الشهيرة بقاعة مدينة كينجستون هاجمت سياسات الاتحاد السوفيتي الرامية إلى الهيمنة على العالم ولتصبح أقوى دولة إمبريالية شهدها العالم، وردت بعدها الصحيفة الرسمية لوزارة الدفاع السوفيتية ملقبةًَ إياها ب«المرأة الحديدية» وقد تلقت تاتشر هذا اللقب بكل سرور وفي 4 مايو عام 1979 تمكنت المرأة الحديدية من الوصول إلى مقر رئاسة الوزراء البريطانية لتكون بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب في التاريخ البريطاني الحديث، وقالت كلمتها الشهيرة: «حيث يوجد الشقاق قد نولد الانسجام وحيث يوجد الخطأ قد نأتي بالحقيقة وحيث يوجد الشك قد نأتي بالإيمان وحيث يوجد اليأس قد نأتي بالأمل» ومنذ ذلك التاريخ ولثلاث فترات متتالية حتى العام 1990 فازت تاتشر بالانتخابات الوزارية لتصبح أول سيدة بريطانية تتقلد منصب رئيس وزراء بريطانيا حتى الآن، واهتمت في فترة رئاستها لمجلس الوزراء بإحداث إصلاحات في النظام المالي للدولة؛ إذ عملت على تقليص دور الدولة ودعم السوق الحرة في البلاد، وكان أيضًا تصحيح معدل التضخم هدفًا من أهداف حكومتها، التي سرعان ما اتخذت تدابير مالية تضمنت زيادة في معدلات الضرائب وخفضًا في معدلات الإنفاق وقد شهدت تلك الفترة تحقيق الآلاف من البريطانيين لمكاسب على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي؛ حيث استطاع عدد كبير منهم أن يحصل على أسهم في الصناعات التي جرت خصخصتها مثل شركتي «بريتيش غاز» و«بي تي»، ومع بدايات العام 1982 بدأ الاقتصاد البريطاني في التعافي وعلى الرغم من الإصلاحات الشاملة إلا أن عددًا من أحداث الشغب والإضراب العمالي كان سمة فتراتها الرئاسية؛ إذ اندلعت الاشتباكات بين قوات الشرطة والمحتجين من عمال المناجم بعد أن رفضت حكومة تاتشر تعديل برامج مجلس الفحم الحجري القومي التي تعني بإغلاق المناجم، ولكن العمال تخلوا بعد عام كامل عن هذا الإضراب أما سياستها الخارجية فكانت تهدف إلى بناء واجهة بريطانيا في الخارج، وهو أمر كان قد تأثر بالسياسات التي تبنتها الحكومة تحت إدارة حزب العمال من قبل، وكونت علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة مع الرئيس رونالد ريجان، وكذلك الاتحاد السوفيتي بزعامة الرئيس ميخائيل جورباتشف ولكن بعدما واجهت تاتشر المضربين عن الطعام من أفراد الجيش الجمهوري الأيرلندي بموقف حازم، تسبب ذلك في إثارة موجة من السخط حتى في أوساط المعتدلين والنقاد، ممن قالوا أن ذلك دفع العديد من شباب الكاثوليك نحو العنف، وقد نجت بأعجوبة عام 1984 من محاولة اغتيال بقنبلة موقوتة، كان أحد المتمردين قد زرعها في مبنى فندق «جراند هوتيل» بمدينة برايتن البريطانية، وانفجرت أثناء حضورها مؤتمر حزب المحافظين وفي الفترة الأخيرة من رئاستها ومع تصاعد حالة الاستياء وتزايد حدة المعارضة بين أعضاء البرلمان حتى من حزب المحافظين إزاء سياساتها المالية، وبعد تأكدها من عدم قدرتها على الفوز بانتخابات الحزب تقدمت باستقالتها عام 1990، لتستمر في مجلس العموم حتى عام 1992، وهي بعمر 67 عامًا وباعتزالها السياسة حصلت على قسط كبير من الراحة النفسية والمادية، كما لُقبت ب«بارونة كيستيفين بمقاطعة لينكونشاير»، الأمر الذي منحها عضوية بمجلس اللوردات بعدها أقامت مشروعًا خاصًا بها ولكنه فشل عام 2005 بسبب صعوبات مالية، فعكفت على كتابة مذكراتها وأصدرتهم في كتابين هما: «The Downing Street Years» and «The Path to Power» وفي 21 ديسمبر 2012 خضعت تاتشر لعملية جراحية لإزالة ورم سرطاني بالمثانة، ثم توفيت في 8 إبريل عام 2013 إثر إصابتها بسكتة دماغية عن عمر يناهز 88 عامًا