26 عامًا على رحيل سليمان خاطر أشهر جنود مصر
مرت الذكري السادسة والعشرون على الرحيل الغامض لسليمان خاطر أشهر جنود الأمن المركزي المصري الذي قتل سبعة إسرائيليين في يوم الخامس من أكتوبر عام 1985 عندما كان يؤدي مدة تجنيده على الحدود المصرية مع إسرائيل.
سليمان محمد عبد الحميد خاطر من قرية أكياد في محافظة الشرقية، وهو الأخير ضمن خمسة أبناء في أسرة بسيطة أنجبت ولدين وبنتين قبله، في طفولته شهد آثار قصف القوات الإسرائيلية لمدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة في 8 أبريل عام 1970.
سليمان التحق بالخدمة العسكرية الإجبارية، وكان مجند في وزارة الداخلية بقوات الأمن المركزي وفي يوم 5 أكتوبر عام 1985م وأثناء قيامه بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة بجنوب سيناء فوجئ بمجموعة من السياح الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته فحاول منعهم وأخبرهم بالانجليزية أن هذه المنطقة ممنوع العبور فيها.
السياح الاسرئيليون وكان عددهم 12 شخصا لم يلتزموا بالتعليمات وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التي توجد بها أجهزة وأسلحة خاصة فأطلق عليهم الرصاص وسلم نفسه بعد الحادث، ليصدر قرار جمهوري بموجب قانون الطوارئ بتحويله إلى محاكمة عسكرية.
محامي سليمان طعن في القرار الجمهوري وطلب محاكمته أمام قاضيه الطبيعي، وتم رفض الطعن وتمت محاكمته عسكريا، وفي خلال التحقيقات معه قال سليمان بأن أولئك الإسرائليين قد تسللوا إلى داخل الحدود المصرية من غير سابق ترخيص، وأنهم رفضوا الاستجابة للتحذيرات بإطلاق النار.
ه الصحف الموالية للنظام في ذلك الوقت وصفت خاطر بالمجنون، وقادت صحف المعارضة حملة من أجل تحويله إلى محكمة الجنايات بدلاً من المحكمة العسكرية، وأقيمت مؤتمرات وندوات وقدمت بيانات والتماسات إلى رئيس الجمهورية ولكن لم يتم الاستجابة لها.
التقرير النفسي الذي صدر بعد فحص سليمان بعد الحادث قال إن سليمان "مختل نوعًا ما " والسبب أن "الظلام كان يحول مخاوفه إلي أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش في فزع، وكان الظلام يجعله يتصور أن الأشباح تعيش في قاع الترعة وأنها تخبط الماء بقوة في الليل وهي في طريقها إليه".
في 28 ديسمبر عام 1985 صدر الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عامًا، وتم ترحيله إلى السجن الحربي بمدينة نصر بالقاهرة ثم نقل إلى السجن ومنه إلى مستشفى السجن بدعوى معالجته من البلهارسيا، وهناك وفي اليوم التاسع لحبسه، وتحديداً في 7 يناير 1986 أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف خبر انتحار الجندي سليمان خاطر في ظروف غامضة.
تقرير الطب الشرعي قال إنه انتحر، وقال أخوه لقد ربيت أخي جيدا وأعرف مدي إيمانه وتدينه، إنه لا يمكن أن يكون قد شنق نفسه لقد قتلوه في سجنه. وقالت الصحف القومية المصرية انتحار سليمان خاطر بأن شنق نفسه على نافذة ترتفع عن الأرض بثلاثة أمتار. ويقول من شاهدوا الجثة أن الانتحار ليس هو الاحتمال الوحيد، وأن الجثة كان بها أثار خنق بآلة تشبه السلك الرفيع علي الرقبة، وكدمات علي الساق تشبه أثار جرجرة أو ضرب.
أسرة خاطر تقدمت بطلب إعادة تشريح الجثة عن طريق لجنة مستقلة لمعرفة سبب الوفاة، وتم رفض الطلب مما زاد الشكوك وأصبح القتل سيناريو أقرب من الانتحار. لكن ما أن شاع خبر موت سليمان خاطر حتى خرجت المظاهرات التي تندد بقتله.
اللواء محمد قدري سعيد- الخبير الاستراتيجي ورئيس وحدة الدراسات الأمنية بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام- قال لمجلة الشباب: "أتذكر هذا الحادث جيدا، ووفاة هذا الجندي كان محل خلاف كبير في ذلك الوقت، فهناك من قال انتحر بالرغم من أني لا أري أي مبرر لإقباله على الانتحار، وهناك من قال أنه تم القضاء عليه".
سعيد أضاف: "حتى الآن هناك علامة استفهام على هذا الموضوع، ولكن بشكل عام فقد كانت مهمته التي يقوم بها هي أن يحرس الحدود ويتعامل مع ذلك أمنيا، وليس انتقاميا، وأي جندي أو ضابط موكل بمهمة معينة يجب أن يقوم بها، وعندما قام سليمان خاطر بقتل الإسرائيليين فهناك من كان يري في ذلك الوقت أنه عمل الصح، وهناك من رأي أنه هناك معاهدة سلام يجب احترامها".