فنانون يعترفون لـ Gololy: الشهرة وحدها لا تكفي
بعد هوجة الانتخابات وصراع القوى السياسية لاحتلال أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان وكذلك خروج معظم المصريين للإدلاء بأصواتهم، ظهرت منافسة قوية لفنانين لم يكتفوا بالتعبير عن وجهة نظرهم من خلال الأعمال التي يقدمونها بل حاولوا دخول البرلمان كحق مشروع لكل مصري البعض يرى أنها مسألة حب للسلطة والوجاهة الاجتماعية وبعض آخر يرى أنها تعبير عن حاجة ملحة وغرض خدمي.
Gololy فتش في القضية بعد المحاولة الأخيرة التي قامت بها كل من الفنانتين هند عاكف وتيسير فهمي واللتين لاقت فشلا في الحصول على مقاعد برلمانية ربما لعدم ترشحهم على قوائم إسلامية خاصة بعد السقوط الواضح لليبراليين الذين لم يسعفهم اعتمادهم على المشاهير لاحتلال البرلمان.
مع بداية ظهور الفن في مصر وهناك رغبة من العاملين به للدخول في مجال السياسة وذلك من خلال البرلمان وهو ما بدا مع المطربة فايدة كامل وهى أول من دخلت مجلس الشعب عن دائرة الخليفة عام 1966 بعد زواجها من وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل وانضمت للحزب الوطني وقدمت مشروع قانون يعطى الحق لرئيس الجمهورية بالترشح لمدد متتالية وهو ما وافق هوى الرئيس الراحل محمد أنور السادات ومن بعده المخلوع محمد حسني مبارك "فايدة" التي ترأست لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بالمجلس فازت على 13 مرشحا بعدد أصوات 15 ألف صوت أي بنسبة 93% بعدها فاز الدنجوان الراحل حسين صدقي عن دائرة الحلمية الجديدة في عام 1966 قبل اعتزاله بسنوات ذلك الاعتزال الذي تسبب فيه علاقته بالإمام حسن البنا وسيد قطب أبرز قيادات حركة الإخوان المسلمين أما مجلس الشورى الذي افتتح ليحوى داخله العديد من الفنانين منهم أمينة رزق ومديحة يسرى وموسيقار الأجيال عبد الوهاب ذلك لأن الشورى كان بالتعيين لفئات لا علاقة لها بالسياسة.
بعض النقاد اعتبروا ذلك رشوة لحشد الأبواق الفنية والإعلامية ومع حلول عام 2010 بدا نجوم الفن في التهافت على الترشح للبرلمان وكانت البداية مع النجمة " سميرة أحمد " عندما ترشحت بالقاهرة ولاقت أعمالا جعلتها تحجم عن ذلك خوفا من البلطجية وكذلك رجاء الجداوي بالإسكندرية وكان مطربي الأغنية الشعبية الأكثر إقبالا على الترشح وبدأت الهوجة مع سعد الصغير الذي ترشح عن دائرة شبرا وكذلك مصطفى كامل عن دائرة الخليفة والمطرب شعبان عبد الرحيم الذي أثار الجدل بتصريحاته عن نيته في الترشح ثم العدول عن ذلك ليعلن خوضه انتخابات الرئاسة ثم وقوفه على رأس حملة عمرو موسى.
آخر المنضمين للقائمة هو الشاعر الغنائي " إسلام خليل" الذي ترشح عن دائرة القناطر الخيرية وربما كان فشلهم في دخول البرلمان تعبيرا عن إرادة الشعب وفهمه أن لعبة الفن تختلف عن السياسة وأن الشهرة وحدها لا تكفى لاختياره مثليه في مجلس الشعب والأمر لا يخلوا من الطرافة فقد أثار خبر ترشح هيفاء وهبي " للبرلمان اللبناني الدهشة ولاقى العديد من التعليقات الكوميدية أشهرها ما قيل عن رغبة النواب أنفسهم في تعيينها أو فوزها بالتزكية حتى تخل السرور على قلوبهم.
أما علاقة الفنان بالحاكم فهي دائما ما تتراوح مابين المداهنة والغضب وربما كانت المداهنة من الحاكم للفنان شراءًا لوده حسب طبيعة جماهيريته حتى يستطيع استخدامه كبوق إعلامي يمكن أن يوجه الرأي العام وكان ذلك بإعطاء الأوسمة والنياشين لنجوم الفن باعتبارهم أبطال في حب مصر التي باتت ملاذا ومأوى للعديدين فقد جاءها فريد الأطرش و أسمهان " هروبا من الحرب السياسية الدائرة في بلادهم وحظوا بمكانة عالية قبل أن تتوتر العلاقة بين الراحل السادات وكل من سوريا ولبنان عقب اتفاقيات السلام مع إسرائيل وكذلك كان تأثر سيدة الغناء العربي أم كلثوم وموسيقار الأجيال بالسياسة واضحا فقد كانا من أهم مطربي الملك وهو ما تسبب في منع أغانيهم من الإذاعة في أعقاب الثورة بعد أن تولى أحد قيادات الضباط الأحرار شؤونها لولا تدخل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليعيد لهما مكانتهما ويصبحا من أشهر مطربي الثورة.
حدث ذلك عكس ما حدث تمامًا مع السابق عصره محمد فوزي الذي أممت الثورة شركته التي أنشاها بجهده الخاص وكان ذلك سببا في سوء حالته النفسية وإصابته بمرض خطير أدى لوفاته أما علاقة المشير عامر بالفنانة برلنتي عبد الحميد والتي تسببت في غضب القيادة السياسية وقتها بعد أن تردد أن تلك العلاقة كانت سببا مباشرا فى هزيمة يونيو 1967 وكذلك علاقته الغير معروفة التفاصيل بالمطربة وردة الجزائرية".
وأخيرًا كواليس علاقة آل مبارك بالفنانات والتي ظهرت في أعقاب ثورة يناير وما تردد بشأن كلا من شريهان وإيمان الطوخي والتي قيل أنها كانت على علاقة بالمخلوع وأنها كانت السبب وراء غضبه على العبقري الأسمر أحمد زكى الذي كان ينوى الزواج بها الأقوال تزداد والحقيقة يعلمها الله ولكن الواضح أن مبارك استغل الوسط الفني في التقرب من العامة بشكل غير ملموس وهو ما ظهر في مسألة علاجه للعديدين منهم على نفقة الدولة الذين كانوا بعد ذلك من أكبر مناصريه في أعقاب ثورة يناير مثل "طلعت زكريا" ولا تعتبر علاقة الفنان بالسياسة شأن مصري فقط فقد أثارت علاقة الشحرورة بالشيخة موزة أميرة قطر التساؤلات حول طبيعتها ولماذا تقدم الأميرة على إنتاج مسلسل عن قصة حياتها وكذلك رغدة وموقفها الصلب من الثورة السورية ودعمها لنظام الأسد وخروجها على الفضائيات لتلعن الثورة ومناصريها.
الفنانة تيسير فهمي ترى أنه لابد من تمثيل برلماني للفنانين خاصة وأن الفنان جزء لا يتجزأ من المجتمع وصناع الفن في مصر شريحة كبيرة لا يمكن تجاهلها أو تهميشها كما أن هذه الصناعة كانت أحد الصناعات التي ضرت الدخل القومي والعملة الصعبة في فترة خمسينات وستينات القرن الماضي وهناك قضايا لابد أن تناقش وقتها المسرح والنهوض به بعد الأزمة الكبيرة الواقع فيها وكذلك تحديد دور للرقابة ومعرفة أولوياته من حقوق وواجبات وليس ما يخص الفنان في البرلمان قضايا الفن فقط بل والمجتمع وأهل دائرته.
أما الفنانة هند عاكف فتقول: "إن الثورة فتحت المجال لعامة الناس للتحدث في السياسة بجرأة وطلاقه كما أصبح الفنان عنصر حيوي فعال ومشارك منذ نزوله الميدان لأنه يمثل دعما معنويا لشباب الثورة فالفنان يعتبر حزب بذاته منفردا لأن جماهيريته وحب الناس له يتيح حشد الرأي ومن هنا يصبح دورة مهما في التعامل واتخاذ القرارات مع أنصاره لتشكيل الرأي العام كما أنه لا يصح أن يعيش في برج عاجي.
الناقدة "نهى جاد" تقول: إن علاقة الفنان الحقيقي بالحاكم دائما ما تكون متوترة خاصة وأن معظم حكام الدول العربية طغاة وتكون العلاقة في النهاية علاقة مداهنة يتحول على أثرها الفنان لمنافق أما الفنان الحقيقي فهو يصر على موقفه ويرفض كل أشكال السلطة لأنه مطلق ولا أحد يستطيع أن يحد من سلطاته الإبداعية وكل من لا يملكون موهبة حقيقية ويشعرون بعقدة نقص هم أول من يفرحون بطلب السلطة أو التقرب من الرئيس كما حدث مع حسن يوسف وطلعت زكريا والفن رسالة ولعبه ملساء جميلة يمكن أن تعطى فكرا وثقافة وتحشد رأيا يعبر عن هموم المجتمع أما لعبة السياسة فهي لها لاعبوها ومن يقدمون التنازلات في المقابل يقتنصون الفرص وهذا لا يليق بفنان.