من يناير إلى يونيو.. لماذا تدخل برامج محمود سعد قفص «الممنوع»؟
بعد سنوات عمل خلالها الإعلامي محمود سعد صحفيًا فنيًا، تحول إلى حالة إعلامية خاصة بمجرد الاشتراك في تقديم برنامج «البيت بيتك»، على التليفزيون المصري والذي حقق جماهيرية جارفة بعد أن كان ينتظره البسطاء يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع. ولكن شهرته ارتبطت بعدة أزمات، بدأت بأزمة مع الصحافة الحكومية التي شنت عليه حربًا شرسة.
هذه الحرب أشعل فتيلها إعلان الإعلامي المصري رفضه الاعتراف بانتخابات مجلس الشعب 2010, ورفض اتهام خالد سعيد بالإجرام وتحميل وزارة الداخلية المسؤولية، ومُنع من الظهور على شاشة دريم قبل الثورة بأيام لأسباب غامضة, وكان وحده الذي قدم التحية لثورة تونس.
هذا الخط كان مغايرًا تمامًا لخط الحكومة، خاصة أنه كان مؤيدًا لمبارك، لذلك قوبلت آرائه بهجوم حاد من صحف الحكومة التي أشادت بموقف تامر أمين، المذيع الثاني للبرنامج، والملتزم دائماً بموقف الدولة السياسي.
الحرية التي نالها محمود سعد في «البيت بيتك» -الذي تحول اسمه فيما بعد إلى «مصر النهاردة»- جعلته يحرج مسئولين على الهواء مما زاد الحرب اشتعالا، لتصل إلى حد «الشتيمة»، ورفض الإعلامي الذي يقدم فقرة للشكاوى والتبرعات مرتين أسبوعيا، الاتهام بكونه يتجاوز الحدود في حواراته مع الوزراء، مؤكداً أنه يمارس عمله كإعلامي في ظل سقف الحرية المتاح في البرنامج الشهير، وبالتالي، لا يجب أن توجه الانتقادات إليه وحده، ما دام الوزراء أنفسهم لم يشتكوا.
أزمة الـ9 مليون
مواقف سعد السياسية عمقت حب الجمهور له، بل وزادت أكثر فأكثر بعد أن خرج إلى ثوار 25 يناير والعالم العربي بما يفيد أنه تم إيقافه عن العمل في التلفزيون الرسمي بسبب موقفه المؤيد للمطالب المشروعة للثوار، قبل أن ينضم للأصوات المنادية بتنحي حسني مبارك وتغيير النظام السياسي السائد جملة وتفصيلاً، وذلك قبل أيام قليلة من تنحي الرئيس السابق فعليا يوم 11 فبراير 2011.
ولكن هذه الصورة المثالية تحطمت بعد أن تم الكشف عن عن أن الأسباب الحقيقية التي دفعت بسعد لاتخاذ مواقفه المناصرة للثورة، هو أنه كان يتقاضى راتبا يصل إلى 9 ملايين جنيه سنويا من التلفزيون المصري. ولكن تم تخفيضه إلى مليون و900 ألف جنيه بعد انتهاء فترة عقده، وهو ما دفع الإعلامي إلى الغضب والاحتجاج، ولحسن الحظ تزامن ذلك مع اندلاع الثورة لذلك تبنى أهدافها ودافع عنها.
الجميع تابع المداخلة الهاتفية التي أجراها وزير الإعلام السابق أنس الفقي والتي قال فيها مثل هذا الكلام وألمح إلى أن سعد ينافق الثورة ويخدم أهدافه الخاصة وأنه يحاول الظهور بمظهر البطل وحدث اشتباك بين الإعلامي ووزيره على الهواء في وجود الإعلامي عبداللطيف المناوي.
محبو محمود سعد انتظروا أن يخرج عليهم لينفي هذه المعلومة التي أصابتهم بالصدمة، غير أنه أكدها وأشار إلى أن هذا المبلغ الضخم من حقه بسبب الفواصل الإعلانية الكثيرة التي تأتي «على حسه»، ولكنه نفى جملة وتفصيلا أن يكون تأييده الثورة سعيًا وراء المال.
اعتداء وإهانة
بعد الثورة ظل محمود سعد لشهور عدة في منزله إلى أن ظهرت قناة التحرير واختارته ليكون مذيعها الأول، لكنه قرر الانسحاب بعد ذلك في هدوء، لينتقل إلى قناة النهار، لتقديم برنامج توك شو هو «آخر النهار». وفي هذا الوقت مضت الثورة تنتقل من مرحلة إلى أخرى، بينما كانت شعبية الإعلامي ترتفع أيضا بعد هزة الـ9 مليون.
وفي وقت كان على المصريين الانتخاب ما بين محمد مرسي وأحمد شفيق، وقف سعد مع مرشح الإخوان، ورفض شفيق، وقال إنه لن يقبل بكسر الثورة وتضييع دم الشهداء لذلك فلن يختار عودة نظام مبارك, وكانت المقاطعة وإبطال الصوت في رأيه تصرف غير إيجابي، وسط تأييد إخواني لموقفه، وعاب عليه الكثيرون موقفه هذا وهم يقرأون تاريخ الإخوان جيداً، ويرى البعض أنهم يقولون مالا يفعلون.
العلاقة الطيبة بين الإخوان وسعد لم تستمر طويلا بهذا الشكل، حيث انقلب الإعلامي على حكمهم تماما بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، خاصة بعد أن تعرضت زوجته وابنته للضرب أمام قصر الاتحادية، -حسب تصريحاته- حيث كانا ضمن صفوف المتظاهرين المعارضين.
واتهم محمود سعد في وقت لاحق بإهانة الرئيس محمد مرسي بعد بلاغ للنائب العام من مؤسسة الرئاسة يقول إن سعد استضاف الدكتورة منال عمر في حلقة تناولت الحالة النفسية لرئيس الجمهورية على نحو يمثل إساءة وإهانة له، ولكن تم إخلاء سبيلهما بضمان مالي قدره 5 آلاف جنيه لكل منهما.
أزمة آخر النهار
آخر أزمات الإعلامي محمود سعد كانت مع قناة النهار بعد قرارها بوقف كافة البرامج السياسية على شاشتها حتى 30 يونيو، وهو موعد بدء فعاليات حملة «تمرد» التي تطالب بسحب الثقة من الرئيس مرسي، حيث قرر الإعلامي محمود سعد تقديم استقالته من القناة بعد سوء تفاهم بينه وبين علاء الكحكي مالك المحطة على الهواء مباشرة، قبل أن يعود سعد ويعلن مرة أخرى عودته إلى القناة مرة أخرى بعد عودة برنامجه.
وكان قرار إدارة القناة قد أصاب محمود سعد بالغضب، ليجري مداخلة عبر برنامج «مانشيت» على شاشة On TV والتي أكد فيها أن ما حدث هو «بشرة خير» لأنه في كل ثورة تقوم في مصر يكون هو جالسا في منزله، وهو ما حدث في ثورة 25 من يناير.
ولم تكن هذه الأزمة هي الأولى لسعد في قناة النهار، حيث تكرر المشهد من قبل أيام انتخابات الإعادة بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، كما تكرر الموقف نفسه قبل ما يقارب الخمسة أشهر، بعد أن كان لدى الكحكي تحفظات على طريقة عمل محمود سعد وعادل حمودة في ذلك الوقت، إلا أن الأمر تم تداركه.
محمود سعد يقترب في مادته الإعلامية من أمور قد يراها البعض من المحرمات وقد يراها آخرون حرية إعلامية أما سبب دخوله هذه المنطقة إن كان بدافع وطني أو كما يقول منتقدوه بدافع شخصي فيبقى الهدف في داخله وعليه وحده الإجابة.