جولولي

اشترك في خدمة الاشعارات لمتابعة آخر الاخبار المحلية و العالمية فور وقوعها.

محمد شوقي.. جندي السينما المصرية المجهول

الخميس 10 سبتمبر 2020 | 01:21 مساءً
أشرف بيدس
1332
محمد شوقي

بداية محمد شوقي فنان غير محظوظ.. كان يستحق مكانة اكبر وادوار اكثر وشهرة اكثر مما حصل عليها .. ابن بلد من اول طلة.. لا يمكن أن يخدع فيه المتفرج.. ملامحه .. طريقة كلامه.. نظرته .. حركاته.. يحمل خفة دم الحارة والزقاق والعطفة.. نستطيع أن نقول انه موظف في ارشيف الفن لكنه موظف في النهاية.. يملك مسوغات التعيين كاملة التي ربما لم يلتفت إليها أحد.. مرات قليلة حاول المخرجين اسناد له ادوار مختلفة بمساحات اكثر ونجح فيها نجاحا باهرا ليثبت أن المشكلة ليست في الموهبة وانما فيمن لا يرونها أو يعيدون صياغتها بما يتوافق ويتلاءم معها.

اداء رشيق ومنطلق لا توقفه لعثمة او نسيان أو قلة خبرة.. ينطلق الكلام كالصاروخ نحو أهدافه التي لا يخطئها.. يقتنص مكانه في الكادر السينمائي بتلقائية وعفوية.. يجيد تمثيل العبارات القليلة في مشاهده علي خير وجه.. ويحقق أعلي نسبة مشاهدة.

محمد شوقي

عندما يفكر السيد بدير وابو السعود الابياري في ممثل لتجسيد دور "نعناع الخادم" في فيلم "سكر هانم" لا يجدوا سوي محمد شوقي ليؤديه افضل مما كان مكتوب علي الورق ويعيد إليه الحياة..

" حبيبت كتير وتمعشقت كتير .. العمارة اللي اشتغل فيها افرق قلبي علي كل الشقق اللي فيها".. وفي الفن لم يختلف الامر.. فكل دور جسده وزع موهبته علي مشاهده.

فتات من الادوار التي كان يمكن ألا تحدث أي صدي لانها مكتوبة بغير عناية لكن محمد شوقي الحلنجي الاونطجي ولاعب التلات ورقات يكسبها رونق وتوهج ويبث فيها الروح.. فيعيش الدور ويصنع خلوده بالمجهود الشخصي.

كتب عنه محمود السعدني :" هو يدخل قلبك بسهولة, وهو يصبح صديقك من اول لحظة يظهر فيها علي المسرح. فهو لا يتكلف ولا يصطنع, وانما هو ممثل تلقائي يتحرك بعفوية, ويؤدي دوره في يسر, ويتكلم كأنه بين شلة من الاصدقاء, لو اهتم احد بمحمد شوقي كممثلو لكتب له مؤلف دور ليؤديه لاصبح محمد شوقي شيئا افضل مما هو عليه. ولكن حتي الادوار التي اختير له ا بعيدا عن مسرح الريحاني لم تكن م كتوبة له و ولم يكن هو الممثل الذي ينبغي ان يقوم بأدائها.. يستطيع محمد شوقي ان يشق طريقه علي المسرح لو وجد من يحتضننه ومن يكتب له ادوار تلائم موهبته فهو يتمتع بخصائص الفنان الموهوب القادر علي التعبير وبخفة دم".

محمد شوقى تتلمذ على يد ملك الكوميديا نجيب الريحاني ، اشتهر بأدوار الرجل الجدع، الفهلوي، الحدق ، ورغم مشاهده البسيطة في الأعمال التي شارك فيها، إلا أن الممثل المصري الراحل محمد شوقي نجح في ترك بصمة مميزة في تاريخ السينما المصرية.

اسمه الحقيقي «محمد إبراهيم إبراهيم»، وشهرته «محمد شوقي» من مواليد حي «بولاق أبو العلا» في6 يناير 1915، وهو شقيق ضمن ست أشقاء خمس أولاد وبنت، عشق المسرح منذ أن دخل المدرسة السعيدية الثانوية، حتى أنه كان يهرب من المدرسة إلى شارع عمادالدين، حيث الفن والفنانين.

الطريف أن أشهر خادم في السينما المصري بدأ بالغناء، وعن بدايته : «في يوم قابل أحد زملائه في المدرسة يسعى وراء الفن مثله اسمه «عباس يونس»، وطلب منه أن يساعده في اقتحام عالم الفن، فتوجه إلى مسرح «منيرة المهدية».

«عندما شاهدته «منيرة» سألته: هل تجيد الغناء؟ فأجابها: «نعم» وغنى لها إحدى أغنيات السيدة «أم كلثوم».. والتحق بمسرح «منيرة»، وعمل معها لأول مرة رواية «عروس الشرق» عام 1937 من تلحين رياض السنباطي، وتأليف الشيخ «يونس القاضي»..لكنه مع الوقت لم يرض بكونه مطرباً».

فرصة شوقي في التمثيل جاءت من خلال «بابا شكري» أشهر مدير مسرح، والذي كان يُطلق عليه «أبو المسرح» في ذلك الوقت، حيث أخضعه لاختبار ضمه لفرقة علي الكسار، وبالفعل نجح، وأسند له الكسار بعض الأدوار البسيطة التي نجح من خلالها للفت النظر إليه.

الموقف الذي غيّر خريطة عمل الفنان الراحل كان عندما اختلف «الكسار» مع «على حسين» أحد أعضاء فرقته، وترك له «على حسين» العرض، ووضعه في مأزق، وقال لن أعود إلى الفرقة إلا إذا قبل الكسار يدي أمام الجميع».. فما كان أمام «الكسار» سوى اللجوء لـ«محمد شوقي»، وطلب منه أن يقوم بالدور بدلاً من حسين، وبالفعل قام به بنجاح مذهل، ونال تصفيقاً حاداً على المسرح.

من هنا كانت انطلاقة محمد شوقي ، حيث تم رفع أجره من 4 جنيهات إلى 6 جنيهات، وظل بفرقة الكسار حتى حلها عام 1946، لينتقل بعدها لفرقة شكوكو، ثم الريحاني الذي أثر كثيراً في وجدانه وأدائه بالرغم من أنه لم يشاركه التمثيل ولو لمرة واحده، إلا أنه كان يسمح له بالجلوس أخر صفوف المسرح أثناء البروفات، لإعجابه بأداء شوقي، وتوقعه بأنه سيكون ممثل جيد ذو أسلوب مميز.

شوقي اضطر للعمل بوظيفة في وزارة المساحة عندما توفى والده ليساعد في إعالة أسرته، إلا أنه لم يستطع التوفيق بين الوظيفة صباحاً، والعمل مساءً، فقرر ترك الوظيفة لعيون الفن، وبالفعل ركز على عمله الفني، ولمع في السينما والمسرح.

كان للفنان الكبير محمد شوقى زوجتان و قد أنجب الأبن الأكبر أشرف من زوجته الأولى ثم أبنائه أيناس و ايمان وأكرم من زوجته الأخرى .

وبجانب التمثيل، أوضحت ابنة الفنان الراحل إيمان أن والدها كان يهوى الطبخ، وهو ما كان يمارسه يوم أجازته من المسرح، بالإضافة إلى أنه كان خطاطاً موهوباً، وإتقانه لفن الإلقاء، وحبه للغناء وخاصة أغاني أم كلثوم.

الفنان الذي مثّل ما يزيد عن الـ 250 فيلم بجانب المسرحيات والمسلسلات، ظل متمسك بعمله وفنه لآخر وقت، ففي أثناء عرض مسرحية «هات وخد» مع حسن يوسف وهياتم، وأثناء العرض وهو واقف على المسرح سقط، فتم نقله إلى مستشفى «مصر الدولي»، وهناك أخبر الطبيب أسرته أن الفنان أمامه مجرد أيام، إذ أصابته قبل كذلك وعكة صحية، وأجرى جراحه، كما أصيب بجلطة في المخ.

محمد شوقي تُوفي في 21 مايو عام 1984، بعد أسبوع قضاه في المستشفى، إثر التهاب في الكبد، وبرغم من أعماله الخالدة حتى الآن في ذاكرة السينما، إلا أنه لم يلق التقدير أو التكريم منذ وفاته وحتى الآن بحسب ما أكدت أسرته.