جولولي

اشترك في خدمة الاشعارات لمتابعة آخر الاخبار المحلية و العالمية فور وقوعها.

الممثل الفلسطيني محمد بكري.. إسرائيل تحاصره منذ 18 عاما بسبب فيلم "جنين جنين"

الاربعاء 14 أكتوبر 2020 | 02:02 مساءً
اشرف بيدس
2069
محمد بكري

الانسانية لغته, ينحت علي كفيه خريطة الوطن الصغير والكبير, ويدرك مواقيت الحياة وحدودها, يعرف كيف يحدد اتجاهات الريح, متي يقفز, ومتي يستكين؟ يطوف بلاد العالم ليلقي كلمة المضطهدين علي اسماع العاقلين ويكسب كل يوم صوتا جديدا, بالمثابرة صار من مجرد لاجئ إلي كيان كبير وقيمة فنية لا يستهان بها.

نجح أن يروي قصة شعبه من داخل حدود المحتل بكل تناقضاتها الجغرافية والقمعية, وهي مهمة شاقة تحتاج الي ثقافة ووعي كبيرين وقدرة علي الجدل والنقاش لايصال الفكرة وبلوغ الهدف, لا يحمل مدفعا أو بندقية, لكنه يحمل وجدان مناضل ويؤمن بعدالة قضيته, لذلك لم يخش التنكيل او الملاحقة من المحتل أو ممن يطلقون علي أنفسهم حماة العروبة, استطاع أن يستميل الطغاة ويعبر عن حقوقه المشروعة, استقبلته مطارات الغرب الجليدية, ولفظته دول الجوار الحانية, لا يجيد العنف أو الصدام, يميل إلي العقل في طرح قضيته, ولا يخفض صوته عند قول الحق, حمل علي عاتقه هموم المظلومين من ابناء شعبه.. يقول «أفضل أن أعيش في بلدي المشوه علي أن أكون لاجئا‏,‏ فكرة أن تكون لاجئا هي إهانة للحس الوطني والكرامة الإنسانية وطوال الوقت علي أن أسأل نفسي لماذا لا أجعلهم هم لاجئين هؤلاء الضيوف؟‏!‏نعم ضيوف فنحن لسنا أقلية‏,‏ وهم الذين جاءوا علينا دون أن يدقوا بابنا‏,‏ ولكن قد تكون هنا طريقة جديدة أقصد نوعا آخر من المقاومة علينا أن نجربه‏,‏ ولن أجعلهم يحبطونني فأنا قوي بضعفي الإنساني»‏.‏

محمد بكري

تعرض محمد بكري لهجوم شديد علي معظم اعماله السينمائية سواء من الداخل أو الخارج, وأحيانا كان يتجاوز النقد العمل الفني ليصل إلي الهجوم الشخصي كما حدث في فيلم «يرموك», ويغالي البعض في الهجوم متناسين الحملة المسعورة التي شنت عليه بعد فيلم «جنين جنين»، حتي فيلم «خاص - Private» اتهمه البعض بأنه حاول أن يرضي جميع الاطراف اليهودية والغربية علي حساب القضية الفلسطينية, وهو طرح معاكس للفيلم، حتي أن البعض لم يتذكر في غمرة هجومه افلاما مثل: (حيفا) و (زهرة), وكذلك رائعة اميل حبيبي (المتشائل) الذي ظل يعرضها طوال اكثر من 30 عاما والتي صنفت من قبل النقاد الاسرائيليين بأنها تشكل تحدياً صارخاً، وصعباً للإعلام الإسرائيلي. حيث إنها تنطوي بأسلوبها ولغتها الشعبية وسخريتها وأحداثها، على تهم كثيرة ضد المؤسسة الإسرائيلية، نسي البعض تجربته الرائدة من خلال برنامجه التليفزيوني “وجه لوجه” الذي حافظ فيه على الذاكرة الفلسطينية بصورة واضحة لا لبس فيها. شارك في افلام عالمية واستطاع أن يضع بصمته الفلسطينية دون تنازلات وأن يعرض قضيته من خلال أعمال فرنسية وايطالية وكردية وتركية وعربية, تجاوزت اعماله السينمائية 40 فيلما, كانت اول أعماله العالمية عندما اسند له المخرج الشهير كوستا جافراس دورا في فيلم “حنا ك” عام 1983 والذي ناقش قضية حق العودة, وكذلك “الجثة”(2001) للمخرج جوناث كارد، و فيلم «الملجأ» في عام 1987 وفيلم «حيفا» في عام 1995 الذي نال جائزة مهرجان البندقية في عام 1997 وهما من إخراج رشيد مشهراوي، و فيلم «حكاية الجواهر الثلاث وزنديق» للمخرج ميشيل خليفي الذي فاز بجائزة المهر العربي في مهرجان دبي السينمائي، ومشاركته في فيلم «من وراء القضبان 1 و2» للمخرج اوري براباش والتي نال عنها جائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقية في عام 1994؛ و فيلم «نهاية كأس العالم» لعيران ريلكس الـي يتحدث عن حرب لبنان الأولى، وشارك في فيلم «درب التبانات» للمخرج علي نصار، كما شارك في السينما الايطالية بفيلم «طفل في بيت لحم» في عام 2000 وفيلم «برايفيت» عام 2004، الذي نال عنه جائزة الفهد الذهبي كأحسن ممثل في مهرجان «لوكارن» عام 2005 وفيلم «ذا لارك فارم» الذي يتحدث عن مذبحة الارمن.

محمد بكري

يعد محمد بكري ممثلا مسرحيا من طراز راق ويشهد علي ذلك العرض المونودرامي “المتشائل” في رائعة اميل حبيبي “المتشائل” مجسدا شخصية “سعيد ابو النحس” الذي يعود للوطن ليحكي مأساة المبعدين، وقد ترجمت المسرحية للايطالية، والفرنسية، والألمانية، ظل محمد بكري يقدمها منذ 1986 وحتي الآن بنفس الشغف والحماس الذي لم ينقطع حتي الآن، كما تم عرضها في اليابان وبلغ عدد عروضها 150 عرضا، كما شارك في مسرحية «الياطر» المأخوذة عن رواية لحنا مينه وفي مسرحية «موسم الهجرة إلى الشمال» المأخوذة عن رواية للطيب الصالح، كما أخرج بكري مسرحية «يوم من زماننا» لسعد الله ونوس و«مشهد من الجسر» لآرثر ميلر. عمل أيضاً في «مسرح القصبة» بين القدس ورام الله، وعلى خشبته أنجز مسرحيات عدّة، أهمها «الليل والجبل» لعبد الغفار مكاوي، و«المهرّج» لمحمد الماغوط، و«المهاجر» لجورج شحادة، و«العذراء والموت» لأرييل دورفمان. عندما قدم فيلمه الشهير “جنين جنين” الذي وثق فيه العدوان الاسرائيلي علي جنين عام 2002 اقيمت ضده دعاوي قضائية وتهديدات مست حياته الشخصية وبحجة زعزعة استقرار الكيان الصهيوني. ثم قام خمسة من الجنود الإسرائيليين ممن شاركوا في عملية اجتياح مخيم جنين برفع دعوى قضائية وطالبته بدفع مبلغ 2.7 مليون شيكل كتعويض عما لحق بهم من إهانة وتشويه للسمعة, لكنهم خسروا القضية بعد تسع سنوات, وتم منع عرض الفيلم, لكنه نجح في اعادة عرضه بحكم قضائي, ولم تكتف اسرائيل بذلك بل قامت بالرد علي الفيلم من خلال ثلاثة افلام قام الجيش الاسرائيلي بانتاج احداها وبالطبع تم عرضها جميعا في دور العرض و التليفزيون الاسرائيلي.

محمد بكري

محمد بكري واحد من أهم الاسماء الفلسطينية السينمائية التي استطاعت في ظل ظروف استثنائية شديدة التعقيد من أن يقول كلمته، وأن يتحدي كل المعوقات السياسية والفنية والأمنية، وهي ليست حالة فريدة فكل السينمائيين الفلسطينيين ينحتون في الصخر من أجل تذكير شعوب العالم بعدالة قضيتهم.

محمد بكري