نجمة إبراهيم.. حلمت بمنافسة أم كلثوم فتحولت لـ«ملكة الرعب»
على الرغم من ملامحها الحادة، ونظراتها القاسية، إلا أن الممثلة المصرية الراحلة نجمة إبراهيم بشهادة من اقترب منها، كانت تمتلك قلباً رقيقاً يفيض بالحنان والعطف.
نجمة إبراهيم وُلدت لأسرة يهودية مصرية في 26 مارس عام 1914 بمحافظة القاهرة، درست في مدرسة الليسيه، وأتقنت العربية الفرنسية حديثاً وكتابة، لكنها لم تكمل تعليمها، وفضلت المجال الفني.
ما شجع الفتاة ذات التاسعة من عمرها على التعلق بالفن، هو ذهابها إلى المسرح برفقة شقيقتها «سرينا إبراهيم» التي تُعد رائدة من رائدات المسرح في ذلك الزمن، فتعلقت بتلك الهواية، وقد اعتلت خشبة المسرح منذ أن كانت في هذا العمر الصغير.
بداية نجمة إبراهيم الفنية الحقيقة كانت مع الغناء، إذ التحقت بفرقة «فاطمة رشدي» أثناء رحلتها الفنية إلى العراق، واشتركت في الغناء في مسرحيتي «شهرزاد»، و «العشرة الطيبة» للموسيقار الراحل سيد درويش.
الطريف أن نجمة إبراهيم اقتنعت بموهبتها في الغناء لدرجة أنها كانت تحلم بمنافسة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والمطربة الشهيرة آنذاك منيرة المهدية، إلا أن موهبتها في التمثيل طغت على موهبتها الغنائية بعد ذلك.
والذي لا يمكنك تصديقه بسهوله، هو أن صاحبة أشهر أدوار الشر في السينما المصرية مثلت في بداية حياتها الفنية دور «غادة الكاميليا» على خشبة المسرح أمام الفنان الراحل حسن البارودي في دور «أرمان دوفال» مع فرقته المسرحية في إحدى رحلاتها إلى السودان.
وفي فترة شهدت ركود في المجال الفني بعد الأزمة الاقتصادية عام 1933، التحقت نجمة بوظيفة كتابية في مجلة «اللطائف المصورة» التي كان يصدرها «إسكندر مكاريوس»، ولكنها تركت الوظيفة، وعاودها الحنين إلى المسرح، عندما كونت الدولة الفرقة القومية برئاسة شاعر القطرين خليل مطران في نوفمبر 1935، فانضمت إلى الفرقة الحكومية، وقامت بتمثيل أدوار رئيسية في عدد من مسرحيات الفرقة.
وبعد عدة أدوار سينمائية بسيطة، كانت انطلاقتها الحقيقة مع ترشيح المخرج الراحل حسن الإمام لها لتجسيد دور «المرأة العجوز الشرير» في فيلم «اليتيمين»، والذي جسدته ببراعة شديدة، حتى جعلت المشاهد يصدق بأنها فظة غليظة القلب، واستطاعت بعينيها أن ترعب الجماهير.
أما نقطة التحول الرئيسية في حياة الممثلة «الرقيقة»، فكانت دور «ريا» الذي أسنده لها المخرج صلاح أبوسيف، في فيلم «ريا وسكينة» المأخوذ عن القصة الحقيقية لهاتين السفاحتين، حتى أنها لُقبت من بعده بـ«ملكة الرعب».
«قطيعة محدش بيأكلها بالساهـل» جملة التصقت بنجمة، كما التصق اسم «ريا» بها، إذ أن الجمهور أصبح يناديها بهذا الاسم، الأمر الذي شجعها على تكوين فرقة مسرحية باسمها لتقدم من خلالها مسرحية «سر السفاحة ريا» من تأليف وإخراج زوجها الفنان عباس يونس.
الممثلة التي اشتهرت بتأييدها الشديد لثورة يوليو 1952، خصصت إيراد حفل افتتاح المسرحية لتسليح الجيش المصري بعد إعلان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر قراره الشهير بـ«كسر احتكار السلاح»، واستيراد السلاح للجيش المصري من دول الكتلة الشرقية بعد أن رفض الغرب تسليح مصر.
الرئيس المصري الراحل أنور السادات حضر عرض الافتتاح، وبعد انتهاء المسرحية، صعد للمسرح، وصافح ممثلي الفرقة، ثم رفع يد نجمة إبراهيم تحية لها.
صاحبة عشرات الأفلام، والمئات من المسرحيات لم تستمر فرقتها المسرحية كثيراً، ولكنها استمرت في عملها كممثلة، واشتركت في العديد من المسلسلات الإذاعية أشهرها مسلسل «زبيدة»، كما شاركت في العديد من المسلسلات التليفزيونية، ومن أشهرها «الساقية»، و «الضحية»، و«الرحيل».
الفنانة المصرية عانت في نهاية حياتها من ضعف بصرها، إلا أنها ظلت متمسكة بعملها في المسرح، وكانت تحضر البروفات، وتجهز لأدوارها بمساعدة رفيق حياتها وزوجها عباس يونس، وبعد عدة محاولات لعلاجها على نفقة الدولة، أصدر وزير الثقافة المصري وقتها د.عبد القادر حاتم قرار بإرسالها إلى إسبانيا ليقوم أشهر طبيب عيون في العالم بعلاجها، وتسترد بصرها.
إبراهيم سعدت كثيراً باسترداد بصرها، وعادت لعملها الفني، ولكن لم تستمر طويلاً، إذ أصابتها أمراض أخرى، فاعتزلت الفن، مدة ثلاثة عشر عاماً، إلى أن وافتها المنية في 4 يونيه 1979.
يُشار إلى أن هناك روايات تؤكد أن نجمة إبراهيم اعتنقت الإسلام، حتى أنها كانت لها ندوة صوفية أسبوعية تقتصر على الحديث في شئون الدين، وتدارس أحكامه، وسير أعلامه، وهى الندوة التي كان يشارك فيها زملائها من الممثلين والصحفيين والأدباء وعلماء الدين.