أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر المستقلة.. في ذمة الله
توفي أمس بالجزائر أحمد بن بلة، أول رئيس للجزائر المستقلة، عن عمر 96 عاما، في منزل العائلة بعد أن نقل إلى المستشفى مرتين قبل أكثر من شهر بعد أصابته بوعكة صحية.
بن بلة سافر مطلع العام الحالي إلى فرنسا للعلاج، وعاد بعد فترة قصيرة إلى الجزائر حيث دخل في فترة نقاهة. ولكن سرعان ما تدهورت صحته من جديد، ونقل مرتين إلى المستشفى العسكري بالعاصمة حيث قضى نحو شهر. ونصح الأطباء أفراد أسرة الرئيس الأسبق بنقله إلى البيت لأن حالته الصحية كانت قد بلغت مرحلة الموت الإكلينيكي، لذلك ترقب الجزائريون وفاته في كل لحظة.
الرئيس الجزائري الراحل هو واحد من ست قادة رئيسيين يذكرهم التاريخ في الكفاح من أجل استقلال الجزائر عن فرنسا، ولد بمدينة مغنية القريبة من الحدود المغربية في 25 ديسمبر 1916، درس في تلمسان بالغرب الجزائري وبها أدى الخدمة العسكرية.
المجازر التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في 8 مايو 1945 أثرت فيه كثيرا ودفعته إلى الالتحاق بـ«حزب الشعب الجزائري» الذي كان يزخر بالكوادر المتشبعة بالفكر الثوري التحرري. وشارك بن بلة في العملية المسلحة الشهيرة المعروفة باسم «الهجوم على بريد وهران» عام 1949 التي حضر لها أبرز مفجري ثورة التحرير لاحقا.
تم القبض على بن بلة بالجزائر العاصمة عام 1950 وحكم عليه بالسجن مدة 7 سنوات. وهرب عام 1952 وسافر إلى القاهرة، حيث انضم إلى فريق من السياسيين الذين مهدوا للثورة وأسس معهم «وزارة خارجية في المهجر» تابعة لـ«جبهة التحرير الوطني».
السلطات الاستعمارية ألقب القبض على بن بلة مجددا في 1956 عندما كان متنقلا بالطائرة من المغرب إلى تونس، رفقة قادة بارزين هم الرئيس الراحل محمد بوضياف، ورجل الثورة حسين أيت أحمد، ومصطفى الأشرف. ونقل إلى السجن بفرنسا، حيث بقي حتى استقلت الجزائر في 5 يوليو 1962. وعاد إلى الجزائر بعد الاستقلال مع بقية القادة المسجونين.
وانتخب بن بلة رئيسا للجمهورية الجزائرية المستقلة في 15 ديسمبر 1965. وبعد أقل من 3 سنوات تعرض لانقلاب عسكري قاده وزير دفاعه هواري بومدين، الذي سمى الانقلاب بـ«التصحيح الثوري»، تعبيرا عن اتهام بن بلة بـ«الانحراف عن مشروع ومبادئ الثورة». وكان الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة عضو «مجلس الثورة» آنذاك أحد أبرز مهندسي عملية الانقلاب.
ووضع بومدين، بن بلة في الإقامة الجبرية حتى عام 1980، أي بعد عامين من وفاة بومدين. وحاول الرئيس المصري جمال عبد الناصر مرات كثيرة إقناع بومدين بالإفراج عنه خلال عقد الستينات من القرن الماضي، دون جدوى.
الرئيس الراحل عاش مدافعا عن «عروبة الجزائر»، وترجم ذلك بالاستعانة بآلاف المدرسين العرب من مصر وسوريا والعراق، حضروا إلى الجزائر للدفع بسياسة التعريب ومحو آثار «فرنسة الجزائر». ولقي معارضة شديدة من طرف النخبة الفرانكفونية ومن أقرب رجال الثورة إليه.