«العشق الممنوع» لكارل ماركس
شكلت حرب الأمم وانتهائها عام 1814، بسقوط نابليون أمام الحلفاء روسيا والنمسا وبريطانيا، لحظة فارقة في حياة كارل ماركس، مؤسس الفلسفة الماركسية، حيث انتقلت عائلته إلى المانيا، وسكنت بجوار منزل المستشار الألماني البارون ستفالين، وقامت بين العائلتين صداقة قوية، حتى وقع كارل في غرام ابنة البارون برتا أو جيني، وكانت تكبره بأربع سنوات.
كارل انشغل كثيراً ببرتا عن دراسته، بمدينة بون الألمانية، ولم يأت بنتائج مرضية، حتى وصلت أخباره المخيبة للآمال إلى والده، فبعث إليه برسالة يؤنبه، لكن من دون فائدة وأخيراً استدعاه إليه ومنعه من العودة إلى جامعته مرة أخرى.
وبعد عودته، اخذ يُحث محبوبته على الزواج، وأظهر لها من الحب والإخلاص ما جعلها تعده بالزواج، لكن بعد تردد وممانعة طال أمدها، فقد كانت برتا، بحكم فارق السن، تخشى أن يكون تعلقه بها عن هوى زائل لا عن حب مقيم، وبقيت خطبتهما سراً لا يدري بها أبواهما.
ولكن مع الوقت، علم أهلها بعلاقتهما، وأصروا على منع عقد هذا الزواج، لكن إصرار العاشقين كان قد نسف موقف الوالدين، فقد كان الحب بينهما أقوى من ريبة العائلة وشكوكها،حتى تزوج العاشقان عام 1843 بالرغم من استياء أهل الفتاة.
بارتا كانت تعلم مسبقاً، أن حياتهما لن تكن سهلة بل ستتسم بالفقر والحرمان والمطاردة، وهي سليلة أسرة ارستقراطية عريقة، عاشت سنوات طفولتها في ترف ورغد، ولكن حبها لم يتغير يوماً، حتى عندما طُرد كارل من ألمانيا، أراد أهلها استبقائها بينهم، كي يجنبوها المتاعب التي سيواجهها زوجها في مستقبله المبهم، لكنها ازدادت تعلقاً وإصراراً، وأظهرت عزمها على التشرد معه ومواجهة نفس المصير.
وعندما توفيت برتا، ذهب الزوج المنكود، متطوحاً من ألم اللوعة والأسى، برفقة أولاده الستة وهم يحملونها على أكتافهم، وبينما هم منهمكون في حفر القبر، عَثر الأب المتصدع ووقع في الحفرة، فأصيب في أجزاء مختلفة من جسمه، جعلته طريح الفراش لا يقوى على مغادرته، ومنذ ذلك الحين وهو يعاني من الآلام الجسمية و الروحية، تذكره بهذا اليوم المشئوم الذي أفقده معشوقته، وأبتعد عن الناس وانزوى في بيته وعاش في عزلة أبدية، و توفي بعد وفاة زوجته بعام واحد.