المتمرد أحمد سالم.. درس الطيران بالخارج وعاد وهو يقود طائرته
«هنا القاهرة».. الجملة الأكثر تميزاً وارتباطاً لدى الأذهان بصوت المذياع وهو يشدو بالأغنيات والنشرات الإخبارية، ولكن القليل فقط هو من يعرف صاحب تلك الجملة «هنا القاهرة»، إنه الإذاعي الفنان أحمد سالم.. أول مذيع بالإذاعة المصرية عام 1936.
أحمد سالم ليس مذيعا فقط، وليس مذيعاًً بالأساس، إنه تركيبة ساحرة يصعب جمعها في شخص واحد، فلقد سافر إلى انجلترا لدراسة الهندسة، ولكنه الطيران استهواه فدرسه وعاد إلى القاهرة قائداً طائرته الجديدة، بالرغم من تعرضه لحوادث كثيرة كادت أن تودي بحياته.
وبعد تعيينه مديراً للقسم العربي في الإذاعة، وانطلق ب«هنا القاهرة»، قدم العديد من البرامج الناجحة، ولكنه تمرد وللمرة الثانية، عندما أقنعه طلعت باشا حرب بالعمل معه في شركة مصر للتمثيل والسينما«ستوديو مصر»، التي أنتجت في عهده العديد من الأفلام الناجحة، مما دفعه لتكوين شركة مستقلة وبدأ في إنتاج أعماله الخاصة، والتي شارك في بعضها تمثيلاً وإخراجاً.
الرجل المتمرد الذي اكتشف كاميليا وتزوج تحية كاريوكا وأسمهان ومديحة يسري، كان محباً للمغامرة وعاشقاً للحياة الخطرة، فقد حاول الانتحار أربع مرات دون جدوى، وإن لم يُعرف سبباً لذلك، ولكن لابد أنها الروح المتمردة التي تحركه قد اختارت له تلك الحياة، واختارت له النهاية أيضاً.
أما الرصاصة التي أودت بحياته، فقد كان سببها أيضاً امرأة، تنافس هو وأحد كبار رجال السرايا عليها، وذات يوم دخل سالم المنزل الذي تقيم به في الدقي، فوجد الرجل وتبادل الاثنان إطلاق الرصاص، لتصب إحداها سالم في الصدر ويعالج منها، ولكن آثارها تظل تؤلمه إلى أن يخضع لعملية جراحية، تُنهي حياة الرجل المغامر الطموح المتمرد على واقعه.