دور صلاح نظمي الذي أدخل عبدالحليم حافظ المحكمة
شهدت المحاكم أواخر الستينيات قضية من أشهر القضايا داخل الوسط الفني، وكانت بين العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وبين الفنان صلاح نظمي، ففي برنامج «أوافق.. امتنع» الإذاعي بمحطة الشرق الأوسط، سألته المذيعة «من هو أثقل ظل ممثل وفقاً لرأيك؟»، فأجابها بسرعة وبدون تفكير «صلاح نظمي»!! وكانت هي تلك القضية.
نظمي توجه للشرطة وقدم بلاغاً ضد حليم يتهمه فيه بالسب والقذف والتشهير، وبالفعل انتقلت القضية إلى ساحات المحاكم نظمي الحكم بالحبس عامين وغرامة رمزية على سبيل التعويض المؤقت، ونودي على المتهم عبدالحليم حافظ فدخل إلى قاعة الجلسة، وتحدث محامي نظمي شارحاً أن تصريحات العندليب تعد قذفاً معنوياً قصد به التشهير والإساءة إلى نفسية موكله، ثم تحدث محامي حليم وأوضح أنه كان يقصد بوصفه أدوار نظمي السينمائية وليس شخصيته الحقيقية، وأن هذا يعد مدحاً لا ذماً لأنه يقصد براعته التمثيلية على التجسيد والإيحاء بثقل الظل للمشاهدين.
وانتهت المحاكمة برفض الدعوى المدنية المقدمة من نظمي وبراءة حليم، وخرج المتخاصمان وتصافحا ودعا العندليب نظمي لفنجان شاي في بيته وهناك عرض عليه دور القواد في «أبي فوق الشجرة»، والذي يعد من الأدوار المميزة لنظمي على الشاشة الفضية، ولكن يبقى الدافع الخفي وراء تصريحات العندليب والذي لم يبح به بعد ذلك إلا للصحفي مفيد فوزي، وهو بالمناسبة مُعد البرنامج الإذاعي، والذي قتله الفضول لمعرفة السبب الحقيقي.
فوزي سأل حليم «لماذا اخترت اسم صلاح نظمى؟؟»، فأخبره بأن هناك خلفية قابعة في نفسه يوم شاهد فيلم «بين الأطلال» لفاتن حمامة وعماد حمدي، وتأثر كثيراً لدرجة البكاء بقصة الحب بين الأبطال والتي فرقها بعد ذلك زواج فاتن التقليدي من الدبلوماسي صلاح نظمي، وتعجب بشدة من غلظة هذا الزوج وثقل ظله على قلبها، وهو ما جسده نظمي ببراعة شديدة جعلته بدوره يستثقله ويتعاطف مع الزوجة وحبيبها المريض.
وأكمل العندليب أن تلك القصة ذكرته بحبه الأول من الثرية الجميلة «ديدي»، كما أسماها، وكيف أن المرض لم يمنعهما من الزواج وإنما رفض عائلتها وإجبارها على الزواج من دبلوماسي والسفر بعيداً عنه، تماماً كما فعل نظمي مع فاتن في الفيلم، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يعترف فيها حليم بهذا الحب الذي أخفاه لسنوات طويلة.