سليمان نجيب.. المثقف الذي غيّر حياة تحية كاريوكا
لم يقتصر دور الفنان الراحل سليمان نجيب تجاه تحية كاريوكا أنه وضعها فقط على طريق الرقص الشرقي، ولكنه ساعدها أيضًا على إكمال مسيرتها الفنية واقتحام السينما ليست كراقصة وإنما كفنانة شاملة أثبتت جدارتها التمثيلية بقدر موهبتها في الرقص.
نجيب أقنع كاريوكا بضرورة تعلم اللغات الأجنبية ومبادئ البروتوكول الأرستقراطية، وبالفعل تمكنت من الإنجليزية والفرنسية وأجادت فن الموسيقى والباليه وكل ما يلزم الفن من أدوات، لكن كان ينقصها في ذات الوقت شيئًا هامًا هو الثقافة العامة ليس في عالم السينما والرقص والمسرح بل في السياسة التي تفرض نفسها على الفنان كما تفرضها على غيره، وأيضًا ثقافة الأدب والرواية.
الفنان المثقف شجّع تحية على إنشاء مكتبة ضخمة في بيتها، ليس للديكور أو استكمالًا للواجهة الاجتماعية بل لتملأها بالكتب والروايات والاتجاهات المختلفة من الثقافة العامة والأدبية، ورشّح لها عدة روايات من الأدب العالمي لشكسبير وموليير وديستوفسكي، ومن الأدب العربي لتوفيق الحكيم وطه حسين ومحمد تيمور وغيرهم.
وفي عام 1946 جمعتهما تجربة فنية أكثر من رائعة هو فيلم «لعبة الست»، الذي يُعد علامة فارقة في تاريخ كاريوكا الفني؛ فهو أول فيلم تظهر فيه كممثلة وليس كراقصة فقط، وحينما عرضه عليها أستاذها سليمان نجيب، رفضت عدة مرات وظل هو يرفع لها الأجر حتى وصل إلى 2500 جنيه، ولكنها أخيرًا صارحته أنها لا تسعى خلف المال ولكنها «مرعوبة» من الوقوف أمام العملاق نجيب الريحاني.
وبعد محاولات عدة وافقت تحية على البطولة، وفي أول يوم تصوير عجزت عن النطق بكلمة واحدة، ولكن الريحاني طمأنها بأسلوبه المميز وأصبحا صديقين مقربين، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا وبرعت في دور لعبة الفتاة الشريرة الطامعة.