محمد عبدالوهاب.. موسيقار الأجيال الذي رأى خيانة حبيبته من ثقب الباب
باءت كل محاولات أسرته بالفشل حينما قررت إلحاقه بالأزهر الشريف، فقد قرر الطفل محمد عبدالوهاب أن يتجه للفن بكامل إرادته، ولم تكن تستهويه دروس الفقه والشريعة فكان بذلك زبونًا مستديمًا «للفلكة»، ومع ذلك فقد حفظ أناشيد المصلين في حلقات الذكر وبعدها تفتحت أذهانه الموسيقية على موشحات الشيخ سلامة حجازي بالأفراح الشعبية وبات يرددها.
ومع تكرار هروبه من المنزل لحضور الحفلات بمسرح «الكلوب المصري» كانت تنتظره علقة ساخنة يوميًا حتى استقر رأي أسرته المحافظة على إيجاد عمل له يمضي فيه وقته بعد عودته من الكُتاب، واختاروا له كنوع من العقاب دكان محمود شمعون للخياطة، وبالفعل أصبح الطفل عبدالوهاب «ترزيًا» ولكن العقاب كان بوابته السرية للغناء; فشقيق شمعون كان ملحنًا بفرقة فوزي الجزايرلي المسرحية، وعندما استمع إليه وهو يغني عرض عليه الغناء بين فصول المسرحيات مقابل خمسة قروش، فوافق عبدالوهاب ممتنًا حتى اكتشفت أسرته ذلك ومنعته من الخروج من المنزل، وبقي بذلك تحت الإقامة الجبرية لمدة عام كامل.
صدمة موسيقار الأجيال الفنية كانت بالتزامن مع أخرى عاطفية؛ وكانت الحب الأول في حياته وهو لم يتخط بعد الثامنة من عمره، أما المحبوبة فكانت جارته التي قاربت على الأربعين من عمرها، وكانت إحدى المعجبات بموهبته الفنية وكثيرًا ما كان يشدو لها في منزلها بدعوة مُسبقة منها، وتغدق عليه خلال تلك الزيارات الفنية عبارات الغزل والإطراء ولا مانع من بعض القُبلات التي فسّرها الصغير باعتراف ضمني بحبها له، وهو ما جعله يتعلق بها للغاية حتى جاءت اللحظة التي أنهت كل شيء.
كانت تلك اللحظة حينما اكتشف خيانتها ورآها من ثقب الباب وهي في أحضان رجل آخر فقرر على الفور قطع علاقته بها، ومن ثم رفض كل دعواتها المعتادة لكي يزورها، بل وأراد الانتقام منها فأحب فتاة أخرى في مثل عمره، ولكنه فشل للمرة الثانية فقرر أخيرًا التفرغ لفنه، قبل أن يتزوج للمرة الأولى سريًا عام 1931 من أرملة ثرية تكبره بما يقرب من 20 عامًا ولكنه طلّقها بعد أكثر من 10 سنوات بسبب غيرتها الشديدة.