عبدالحليم حافظ ومحمد الموجي.. صداقة تحدّت الشائعات فأنتجت أعذب الأغنيات
لم يكن الراحل عبد الحليم حافظ مجرد مطرب في تاريخ الفن المصري فحسب وإنما كان ضلعًا في مثلث ذهبي يختصر عصر من الغناء لازال يُؤرخ له حتى الآن، أما ضلعي المثلث الآخرين فهما كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.
الفنان الراحل الذي تمر ذكرى وفاته هذه الأيام جسد حالة فنية خاصة امتزجت مع حياته الصعبة ورحلة مرضه لتشكل ملحمة إنسانية تعاطف الجميع معها حتى صار عبد الحليم حافظ مطرب الشعب بلا منازع خاصة عندما تعانقت أغانيه مع انتصارات وانكسارات الفترة الناصرية تماما كما كان سيد درويش.
علاقة عبد الحليم بشعراء وملحني جيله كانت قوية فقدموا إليه أجود الألحان والكلمات وكان على رأس هؤلاء الموسيقار الكبير محمد الموجي الذي ارتبط بعلاقة صداقة قوية مع العندليب ورغم أنها قابلت العديد من التحديات إلا أنها انتصرت في النهاية.
البداية كانت أغنية «صافيني مرة»، التي رفضها أكثر من مطرب لأن اللحن والكلمات ليست من النوع المألوف وقتها، فتقدم حليم إلى صديقه ليخفف عنه حزنه وقال ضاحكًا: «إيه رأيك أغنيها أنا يا موجي.. ورزقي ورزقك على الله».
وبالفعل نجحت الأغنية في تقديم الثنائي الفني بشكل جيد للجمهور، واستمر التعاون الفني بينهما وقدما العديد من الأغنيات المميزة، ومن أشهرها «نار يا حبيبي» التي اختلف الاثنان حول كوبليه «يا مدوبني في أحلى عذاب هبعتلك بعنيه جواب»؛ فالموجي يراه غير ملائم للحن وينبغي حذفه وحليم يرى العكس تمامًا، وبعد نجاح الأغنية أخذ الثاني يداعب صديقه: «شفت يا محمد الكوبليه اللي أنت كنت عايز تغيره عجب الناس».
دقة حليم في تفاصيل العمل الفنية كثيرًا ما أغضبت الموجي وكثيرًا ما تقاطعا لفترة من الوقت ثم يعودا لصداقتهما ولأعمالهما المميزة، وحينما يُغضب العندليب صديقه تكون زوجته «أم أمين» هي واسطة الخير بينهما، وتلجأ هي بدورها إلى الحيل الذكية لإقناع الموجي، وفي أحد خلافاتهما أخبرته أم أمين أن أحد أقاربها سوف يأتي لزيارتهم، فجلس في انتظار الضيف واكتشف في النهاية أنه صديقه حليم، ودار عتاب حاد بينهما انتهي بالصلح.
علاقة حليم بالموجي كانت محل حسد من البعض، الذين كرهوا نجاحهما وعلاقتهما الإنسانية المميزة، فأشاعوا أن زوجة الموجي تقوم بأعمال السحر للعندليب حتى يظل مريضًا طوال عمره، وبدأت الصحف تتداول تلك الأخبار إلى أن خرج حليم عن صمته وكذبها.