الصحفي والحاكم.. قليل من الود كثير من التوتر
"لسانك حصانك إن صنته صانك وان هنته هانك"، مثل ينطبق على العلاقة بين السلطة والإعلام على مدار التاريخ؛ وحالات الشد والجذب بين الطرفين، فالسلطة دائما ما تريد أن يمتدحها الإعلام ويثني على خطواتها، والإعلام دائما ما يطالب برفع سقف الحرية لمزيد من النقد.
وظل الإعلاميون على مدار تاريخهم يناضلون من أجل الحصول على هذه الحرية، والتي يرون أنها حق أصيل لهم وللشعب في المعرفة الشاملة بكل خفايا الأمور، فدفع كثير من الإعلاميين ثمن مطالبهم حريتهم الشخصية خلف أسوار السجون والمعتقلات.
مصطفى أمين
كان من أبرز الصحفيين الذين تم اعتقالهم هو الكاتب الصحفي الشهير مصطفى أمين مؤسس جريدة أخبار اليوم بمشاركة أخيه علي أمين، حيث وجهت إليه تهمة "التخابر لصالح أمريكا"، حيث كان مكلفا من قبل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر باستمرار الاتصال بالولايات المتحدة، وكانت القيادة تمده بما ينبغي أن يقوله لمندوبي أمريكا، وأن ينقل إلى "عبدالناصر" ما يقوله الأمريكيون، وعندما ساءت العلاقات بين مصطفى أمين وعبد الناصر وغيره من القيادات قبضوا عليه وحاكموه بالمعلومات التي كانوا قد أعطوها له سلفا ليسلمها إلى المندوبين الأمريكيين، وصدر ضده الحكم بالسجن 9 سنوات قضاها مصطفى أمين في السجن.
وقد اشتهرت هذه القضية باسم قضية مصطفى أمين أو "مصطفى بك" التي استغرقت أكثر من ألف صفحة من أوراق التحقيق، وحكم فيه بالسجن 9 سنوات قضاها من عمره خلف أسوار السجن، حتى أفرج عنه إفراجاً صحياً عام 1974، بعد وساطة وزير الخارجية الأمريكي الشهير هنرى كسينجر.
إلا أن الكاتب الصحفي لم يرضى بظلمه واتهامه في وطنيته، فتقدم في 7 أغسطس 1974 بطلب إلى المدعى العام الاشتراكى بطلب إعادة التحقيق فى قضيته، فقضي ببراءته.
محمد حسنين هيكل
تم اعتقال الكاتب الصحفي البارز محمد حسنين هيكل، في ما يسمى باعتقالات سبتمبر 1981، في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حيث تم فيها اعتقال ما يقرب من ألفي رمز من رموز المعارضة السياسية والإعلاميين المعارضين والذين أعلنوا رفضهم لاتفاقية كامب ديفيد، وكان من بينهم هيكل.
ولم يفرج عن هيكل إلا بعد اغتيال السادات وتولي الرئيس السابق حسني مبارك الحكم، والذي أثنى عليه كثيرا معتقدا أنه سيكون رئيسا لمرحلة انتقالية، كما أنه تصور أنه استوعب درس اغتيال السادات، ووضع عليه آمالا كثيرة للمستقبل.
حمدين صباحي
اعتقل الصحفي والسياسي، حمدين صباحي، رئيس تحرير جريدة الكرامة، لأول مرة في أحداث 17 و18 يناير 1977، والتي عُـرفت بـانتفاضة الشعب المصري ضد حكم السادات، وكان حمدين أصغر مُـعتقل سياسي في تلك الآونة.
كما تم اعتقاله عام 1981 في موجة اعتقالات سبتمبر ضد قيادات ورموز الحركة الوطنية المعارضة للسادات، وكان أيضا أصغر المعتقلين سنا بين مجموعة من الرموز الوطنية في هذه الاعتقالات.
كما تعرض في عهد محمد حسنى مبارك لسلسلة من الاعتقالات منها عند قيامه بقيادة مظاهرة سنة 1997 مع فلاحي مصر ضد قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، وهو القانون الذي شرد ملايين الفلاحين الفقراء من أرضهم، في عودة صريحة لنظام الإقطاع من جديد.
وتكرر اعتقاله وهو نائب في مجلس الشعب، وبدون رفع حصانته عام 2003، وذلك في الانتفاضة ضد نظام مبارك المؤيد لغزو العراق، وقد قاد حمدين تلك المظاهرات في ميدان التحرير.
ابراهيم عيسى
يعد الكاتب الصحفي ابراهيم عيسى من أبرز المعارضين لنظام الرئيس السابق حسني مبارك، وقد اتهم عدة تهم منها اتهامه بالسّب والقذف والتحريض والإهانة والتطاول على رئيس الجمهورية، وفي عام 2006 حكم عليه بالسجن لمدة عام وكفالة ١٠ ألاف جنيه، غير أن محكمة الاستئناف خففت الحكم إلى غرامة تصل إلى 4000 جنيه.
وفي عام 2007 تم اتهامه بنشر أخبار كاذبة عن صحة رئيس الجمهورية، وصدر حكم ضده بالسجن سنة، وتمت إعادة محاكمته أمام دائرة أخرى والتي أصدرت حكمها عليه بالحبس لمدة شهرين، وكان الحكم واجب النفاذ فسلّم نفسه للسلطات في نفس اليوم، ولكن الرئيس حسني مبارك أصدر قراراً جمهورياً بالعفو عنه في 6 أكتوبر 2008.
مصطفى بكري
مصطفى بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع من أبرز الصحفيين الذين عرفوا بناضلهم ضد الأنظمة الفاسدة، والتي بدأت عام 1977 فيما عرفت بمظاهرات "الخبز" التي قادها في قنا ضد النظام السياسي الذي رفع أسعار عدد من السلع الغذائية، فتم القبض عليه وسجنه لمدة ثلاثة أشهر في سجن قنا الغربي.
وأيضا تم اعتقاله حين افتتحت السفارة الإسرائيلية في القاهرة عام 1980 وقف وهو لايزال طالبا ضد ذلك، وكانت محافظة قنا هي الوحيدة التي شهدت آنذاك مظاهرة منددة بفتح سفارة للكيان الصهيوني، فطاردته قوات الأمن لعدة أسابيع حتى تمكنت من القبض عليه واقتياده إلي الحبس في قنا.. ليقضي نحو الشهر بين أسوار السجن الغربي الذي عاد إليه مجددا.. وأدى امتحانات نهاية العام الدراسي مكبلا بالقيود، كما كان ضمن المعتقلين في اعتقالات سبتمبر 1981.
فريدة النقاش
عرفت الكاتبة الصحفية فريدة النقاش بنضالها من أجل الحرية، والذي دفعت ثمنه غاليا باعتقالها العديد من المرات، وتعرضها للفصل والحرمان من الكتابة، إلا أنها ظلت تناهض حتى وصلت لمنصب رئيسة تحرير صحيفة "الأهالي" المصرية، وهي بذلك تعد ثاني امرأة مصرية تتقلد هذا المنصب الرفيع في الصحافة العربية بعد الراحلة روز اليوسف.
صافيناز كاظم
تعرضت الكاتبة الصحفية صافيناز كاظم للاعتقال عدة مرات، الأولى كانت عام 1973، والثانية عام 1975، أما المرة الثالثة فكانت عام 1981 في اعتقالات سبتمبر الشهيرة.
وعن سنوات الاعتقال تقول صافيناز: "منعت عنا كل الحقوق، فلا زيارات، ولا طعام إلا طعام السجن غير المناسب للاستهلاك الآدمي".