زكي طليمات.. تعلم التمثيل من «القرود»
حياة فناني زمان لم تكن بالبساطة التي قد يتخيلها البعض؛ فقد عانى أغلبهم من ظروف معيشية عصيبة وأزالوا عقبات قاسية من طريق نجاحهم الفني، واضطر بعضهم خلال تلك الظروف إلى الاستعانة ببعض الوظائف البسيطة لمواجهة قسوة الأيام، ومنهم الفنان المسرحي الكبير زكي طليمات.
طليمات بعدما توقفت فرقة عبدالرحمن رشدي المسرحية نتيجة لظروف اقتصادية صعبة، اضطر للعمل في وظيفة كتابية بـ«حديقة الحيوان» لكي يستطيع الإنفاق على نفسه، ولأن روح الفنان المسرحي كانت غالبة عليه، فقد أخذ يقضي وقتًا طويلًا من الفجر أمام «قفص القرود»؛ ليتابع تحركاتها ومشاكساتها لزوار الحديقة ويتأمل أيضًا تقليدها للمشاغبين، وأوصله تأمله ذلك إلى يقين بأن القردة تعشق فن التمثيل بما تؤديه من حركات تمثيلية عجيبة كانت تدفعه للضحك والتأمل.
لذلك كان يردد الفنان المصري أن «القردة هي أستاذي الأول في فن التمثيل».
وبعد انتهاء ساعات عمله البسيط في الحديقة، كان يتوجه في المساء إلى شارع عماد الدين لكي يلتق مع زملائه الهواة وأستاذهم العبقري عزيز عيد ويشاهد بشغف العروض والأنشطة الفنية بالمسارح والكازينوهات.
واستمرت حياة طليمات «الممسوسة» بالفن إلى أن قرأ ذات يوم إعلانًا حكوميًا لهواة فن التمثيل يمنحهم فرصة حكومية لدراسة المسرح في بعثة على نفقة الدولة في مسرح «الأوديون» بباريس، فتقدم مسرعًا بطلبه وبالفعل تلقى دعوة من اللجنة للاختبار ليقف أمامها بثقة واقتدار وفاز بالبعثة عن جدارة وسافر فرنسا، حيث تولى أمره بروفيسور مسرحي كبير يدعى «داني دنيس».
وهناك في بلد الفن العريق تجول بين المسارح المتنوعة والمكتبات العامرة والمتاحف ودور الفن ليتشبع بكل عروضها ويرتوي من تياراتها واتجاهاتها الفنية والجمالية المختلفة، ليعود إلى مصر ويستأنف رحلة كفاحه الفني.