نجيب الريحاني..المتيم الذي جعلته الغيرة نجم الكوميديا الأول
كان موظفًا عاديًا بشركة الحوامدية للسكر، وذات يوم ذهب نجيب الريحاني على مسرح عزيز عيد للتسرية عن نفسه والتقى لأول مرة الفنانة الفاتنة صالحة قاصين، كانت في الخامسة عشر من عمرها جميلة، خفيفة الظل وتداعب كل من حولها، وأحس نحوها بشعور غريب ملك عليه ذاته.
ومن بعدها أصبح الريحاني مهووسًا بصالحة، يقتطع من قوته ثمن تذكرة المسرح كل ليلة؛ ليراها تمثل بضع دقائق ثم ينصرف، ولما ضاقت ميزانيته عرض نفسه على صاحب الفرقة، ليكون من «الكومبارس»، فيتاح له أن يراها وراء الكواليس ساعتان لا دقائق فقط، ووافق عيد وهكذا دخل دنيا المسرح، وهو لا يدري ماذا يخبئ له القدر.
وفور التحاقه بالفرقة وهو يلاحقها ويغار عليها، وهي لا تأبه لحبه إلا قليلًا، وإذا سافرت الفرقة إلى الأقاليم كان يترك عمله ويسافر وراءها؛ ليراقب تصرفاتها ويمنع منافسيه من مجرد التحدث إليها، وإذا عاقه أمر عن السفر، أرسل إليها برقيات وخطابات طالبًا ردًا عاجلًا على كل برقية وكل خطاب، فإذا تأخرت عن الرد، فاجأها في عقر دارها وقد استبد به الغضب ومزقته الغيرة.
وبعد زواج الفنانة الفاتنة لأول مرة لم يتخل الريحاني عن حبه وبقي على العهد وهو يردد: «تروحي، تيجي، تتجوزي، تتطلقي، فأنت لي وحدي، وأنا أحبك على كده»؛ فقد كان اختلاف الديانة عقبة كبيرة لم يستطعا تخطيها، وبعد زواجها الثاني انقطعت عن الفن لثماني سنوات وبقي هو على أشواقه وغيرته، وحينما حصلت على الطلاق الثاني عادت إليه ممثلة في فرقته المسرحية وجمع بينهما الفن من جديد.
وذات يوم اضطر نجم الكوميديا إلى السفر للخارج وتزوج هناك من الراقصة بديعة مصابني، وحينما عاد عرف بزواج صالحة الثالث والذي كان أسعد زيجاتها وبقيت معه 11 عامًا كاملة، تغير خلالها الأول تمامًا وأصبح أكثر خبرة ونضجًا وتعددت علاقاته النسائية كلما ازدادت شهرته، وإن ظل يحتفظ لها بمكانة كبيرة في قلبه.
أما هي فلم تحاول الاتصال به بعد أن فقدت الشباب والبريق، وبقيت غاضبة عليه طوال فترة مرضه وحتى وفاته، ولكنها ندمت على أنها تركته يموت دون لقاء وحيد، وهو الندم الذي ظل يأكل في قلبها وحتى وفاتها.