ليلة مرعبة لأحمد رامي في ضواحي باريس
قبل أن يخطو خطواته الأولى نحو عالم التأليف الغنائي قضى الشاعر المصري أحمد رامي سنوات عديدة كطالب للعلم في مدينة النور باريس، وهناك شهد العديد من الأحداث الحزينة والسعيدة والمثيرة أيضًا.
ورامي برغم هدوئه الشديد الذي اشتهر به إلا أنه قضى ليلة مثيرة في باريس لم يستطع نسيانها أبدًا؛ فقد كان يسكن في ضاحية لا يصل إليها إلا بالقطار، وقضى سهرته في شوارع العاصمة وحينما همّ بالرجوع كان عليه أن يركب آخر قطار إلى تلك الضاحية، ولكنه أخطأ وركب قطارًا آخرًا.
وللصدفة أيضًا كانت تلك الليلة كثيرة المطر والضباب فلم يفطن إلى تغيير الطريق واستمر القطار في السير حتى أدرك أنه ضل الطريق، ثم انتهز فرصة وقوف القطار في إحدى المحطات ونزل منه سريعًا، وعاد القطار يسير بعد أن تركه في بلدة صغيرة لم يكن يعلم عنها شيئًا.
ولم يجد رامي خلاصًا من ذلك المأزق إلا أن يسير مع قضبان السكك الحديدية عائدًا إلى طريقه الأصلي، وبالفعل وصل إلى هدفه بعد ساعات من السير الشاق، وما كاد يشرف على المحطة حتى اعترضه نفق طويل مظلم خاف أن يجتازه قطار سريع فيدهمه في طريقه دون أن يشعر به أحد.
القضبان عند مدخل النفق كانت منخفضة عن مستوى الطريق، فتسلق الجدران المقام عليها ووجد نفسه في مساحة واسعة وحديقة كبيرة ظنّها أول الأمر حديقة عامة «وقلت لنفسي اجتاز هذه الساحة وأخرج على الطريق وإذا بي أمام سور عال وباب حديدي عليه «قفل» كبير، وسمعت نباح كلب كاسر يتقدم صوبي، فلم أملك إلا أن أتسلق الباب قبل أن يدهمني الكلب».
وخرج رامي إلى الطريق العام ثم مشى ثلاث محطات أخرى ليصل إلى منزله بعد طلوع النهار، ووجد صاحب الدار قد وقف ينتظره وهو في عجب لغيبته، وروى له القصة ووصف له الحديقة والسور الحديدي فقال له أن تلك الحديقة ما هي إلا فناء مدرسة داخلية للبنات «والويل لك لو أنك ضُبطت في هذا المكان وفي تلك الساعة بالذات».