وجبة وعلبة سجائر.. أجر مخرج أول أفلام عزيزة أمير
حينما عاد الممثل والمخرج وداد عرفي إلى القاهرة، بعد بعثة لدراسة الفن في باريس، خطط لتمثيل وإخراج فيلم روائي صامت هو الأول من نوعه في مصر، ولم يجد خيرًا من الفنانة عزيزة أمير لبطولة وإنتاج الفيلم، بمساعدة زوجها الثري.
عزيزة رحبت بالفكرة ووافق زوجها على الإنتاج، وتخفيفًا عليهما قرر عرفي ألا يأخذ أجرًا عن التمثيل والإخراج ولكنه اشترط شرطًا عجيبًا للغاية عند توقيع العقد؛ فقط طلب أن تخصص له الطابق الأرضي من فيلتها بجاردن سيتي لكي يقيم فيه بجوار معمل التحميض والطبع، مع تزويده بالطعام ثلاث مرات يوميًا والسجائر طوال مدة العمل في الفيلم، ثم نسبة الثلث من الأرباح بعد ذلك.
والتزمت الفنانة المصرية بهذا الشرط، واشترت مع زوجها معدات التصوير والتحميض من ألمانيا، وأنشأت شركة «إيزيس فيلم»، أول شركة سينمائية عربية.
ووقع الاختيار في البداية على «نداء الله» ليكون اسم الفيلم، ولكن الخلافات نشبت سريعًا بين المنتجة والمخرجة؛ حيث تبين لها أنه يتباطأ في عمله «عن عمد» ويكثر من تصوير الأفلام بلا حد، وبعد انقضاء عشرة أشهر كان قد صوّر مشاهد مبهمة، ومناظر مفككة بلا جدوى، ويظهر عرفي وهو شاهرًا سيفه، ويجول في الصحراء بلا هدف لاصطناع موقف أو تكوين مشهد.
حتى كانت «القشة التي قصمت ظهر البعير»، حينما طلب منها الظهور في أحد المشاهد تحت لوحة مكتوب عليها بوضوح «الفتى العربي الجميل»، ولمّا كان هو غير عربي، ولا جميلًا، ولا يوجد داعي لوضع تلك العبارة، فقد استنكرتها عزيزة أمير بشدة ورفضتها، فتمسك هو بها، وهدد بترك العمل في الفيلم!!
وبالفعل توقف التصوير فترة طويلة حتى تم الاتفاق على استكمال التصوير من بطولة أحمد علام وإسناد الإخراج إلى استيفان روستي، وكذلك تغيير اسم الفيلم إلى «ليلى».
وتم تصوير مشاهد الفيلم الخارجية بين الهرم وسقارة وشوارع القاهرة، والمناظر الداخلية في المنازل، بينما تم التحميض والطبع في منزل عزيزة، الذي تحول إلى استوديو سينمائي.
وفي عام 1927 عُُرض «ليلى» في دار سينما متروبول ونجح بشكل مذهل، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت عزيزة أمير رائدة الفيلم المصري.