محمد عبد الوهاب يتلقى علقة ساخنة بسبب عشقه للفن
موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، عندما اكتشف والده الشيخ عبدالوهاب عيسى، شيخ مسجد الشعراني، اتجاهه إلى الفن وهو طفل، وسهره في أحد المسارح للاستماع إىل الأغاني وترديدها، قام بضربه علقة سخنة اجتمع على صوت استغاثته أهالي حي الشعرية عام 1917.
أحد الجيران حاول تخليص الطفل من يد والده، ونصحه بأن يُشغله بالعمل، وأشار آخر إلى أن محل محمود شمعون، بحارة قواديس بعابدين، قد وضع إعلانا منذ أيام على واجهة المحل يطلب فيها صبي للعمل.. تحمس الشيخ عبدالوهاب للفكرة، وأرسل ابنه لمحل شمعون، لُينهي على ولعه بالفن.. لكن النتيجة كانت مختلفة تمامًا عن ما يُريد.
القدر كان يسوق الطفل محمد عبدالوهاب، إلى ما يحبه ويرضاه، فاكتشف في أيامه الأولى بالعمل، أن شقيق صاحب المحل محمود شمعون، يعمل ملحنا بفرقة موسيقية، ويستضيف عدد كبير من المطربين وأصحاب الكار في المحل، ليندمج معهم عبدالوهاب ذات مرة، ويطلق لصوته العنان ويُبهر الحضور.
قرر شمعون أن يدعم موهبة الطفل الذي اقترب من عامه الـ 15، فانطلق به نحو مسرح «كلوب المصري» بحي الحسين، وقَدمه إلى الأستاذ فوزي الجزايرلي، صاحب الفرقة الموسيقية، الذي عامله في البداية بجفاء تحول إلى اهتمام بمجرد أن سمع صوته، وضمه فورا إلى الفرقة بعرض مالي قيمته 5 قروش.
[caption id="" align="aligncenter" width="600"] عبدالوهاب ونجاة[/caption]
أسرة عبدالوهاب كانت هي العقبة الوحيدة في حياته، فلو اكتُشفت أمره ستكون نهايته، لذا طلب أن يُغني تحت اسم مستعار وهو محمد البغدادي، خوفا من بطش والده وأخوته، وظهر للمرة الأولى على مسرح «كلوب المصري» مرتديا جلبابا وطربوش، استهان الجمهور بمظهره وجسده النحيل وصِغر سنه، لكن صوته كالعادة قادر على تغيير تفاصيل المشهد، فما أن بدأ يشدو من كلمات يوسف القاضي،حتى اندلع التصفيق في أرجاء المسرح.
فرحة البداية لم تكتمل، فلم يكد عبدالوهاب، يشعر بأنه نجح في خطواته الأولى في عالم الفن إلا وقد فوجئ بشقيقه حسن الطالب الأزهري، وقد اقتحم المسرح والشرر يتطاير من عينيه، واندفع نحوه صارخا قلة حيا ومسخرة، ممسكا به بعنف، وانطلق به نحو البيت، لينهالوا عليه بالضرب، ويحصل على علقة ساخنة، لم تزده إلا إصرارا على استكمال حلمه بأن يصبح أهم مطرب في عصره.. وقد كان.