قصة جميل راتب في فرنسا.. من العمل في سوق الخضار إلى حديث الصحافة
كانت البداية الفنية للفنان الكبير جميل راتب، في السينما الفرنسية، بعدما غادر القاهرة في منتصف الأربعينيّات لدراسة العلوم السياسية في باريس، وسرعان ما الدراسة طوعًا، والتحق بإحدى مدارس التمثيل، وخسر المنحة التي كانت مخصصة له، كان يطمح بأن يكون ممثلاً مسرحيًا، وارتضى لنفسه المُعاناة المعيشية من أجل طموحاته، وقد نشرت عنه الصحف الفرنسية وقتها.
راتب قال في حوار قديم له: «عندما كنت في مصر، وقبل سفري إلى فرنسا، مثلتُ دورًا بسيطاً في فيلم بعنوان «الفرسان الثلاثة»، كان ذلك في الأربعينيّات، وكنت أحبّ التمثيل، وكانت عائلتي تُعارضني، ومنعتني من مشاركتي في الفيلم، وطلبت من المخرج حذف المشهد الذي مثلته، كانت الأبواب، بالنسبة لي، مغلقة تمامًا، كنت في تلك الفترة أدرس الحقوق، ومن ثمّ جئتُ إلى فرنسا لدراسة العلوم السياسية، وكان لديّ منحة اعتمدت عليها في معيشتي، ولكنها توقفت، والتحقت بمدرسة التمثيل، وبدأت أعمل مع فرقٍ مسرحية بسيطة في مسارح صغيرة، وكنت أشارك في أدوار رئيسية، كما عملت في أشغال خارج التمثيل كي أنفق على نفسي، اشتغلت كومبارس، وفي سوق الخضار، ونادل في مقهى، ومترجم.. ويومًا بعد يوم، أصبحت معروفًا كممثل، وهكذا أكملت مشواري، كانت الخطوات الأولى صعبة في البداية، ومع إصراري، بدأت أهدافي تتحقق تدريجيًا».
وأضاف: «في أواخر السبعينيّات، ذهبت إلى مصر كي أُنهي أعمالًا عائلية، قبل ذلك كنت أزورها كلّ سنتين تقريبًا، وخلال تلك الزيارة تعرفت على الشاعر صلاح جاهين، كان إنسانًا، وصديقًا عظيمًا، ومن خلاله اقترح عليّ المخرج كرم مطاوع، دور البطولة في مسرحية بعنوان «دنيا البيانولا»، وافقت، وخلال فترة قصيرة انهالت عليّ العروض من أهمّ المخرجين كي أمثل أدوارًا مهمة في مسلسلاتٍ تلفزيونية، ومنذ تلك الفترة، بدأت أخطو خطواتٍ جديدة في حياتي».
وتابع: «لم يكن هدفي التمثيل في السينما، ولم أكن أحبّ الوسط السينمائي، وكنت أفضل العمل المسرحي ممثلاً، ومخرجاً، ولكن انتقالي إلى السينما، والتلفزيون حوّل حياتي الفنية، وكسبتُ شعبية كبيرة في مصر».
راتب ذكر أنه شارك في أعمالٍ مهمة جدًا، في مصر، وهناك بعض الأفلام المصرية التي يعتبرها من أهمّ الأعمال ومنها، «الصعود إلى الهاوية» للمخرج كمال الشيخ استلم أول جائزة تمثيل عن هذا الفيلم، ومن ثمّ «البداية» للمخرج الكبير صلاح أبو سيف، وحصل على جائزةٍ من أحد المهرجانات في سويسرا، وفيلم «لا عزاء للسيدات»للمخرج بركات مع الفنانة فاتن حمامة، كذلك فيلم هناك «شيشخان» التونسي، حصل به على جائزة في إحدى دورات «بينالي السينما العربية» بباريس، وأخرى في باستيا «كورسيكا».