«غراب» يتكلم ويصيب أم كلثوم بالفزع
بدأ صيت أم كلثوم، يذيع منذ صغرها, حين كان عملها مجرد مصدر دخل إضافي للأسرة، لكنها تجاوزت أقصى أحلام الأب حين تحولت إلى المصدر الرئيسي لدخل الأسرة, أدرك الأب ذلك عندما أصبح الشيخ خالد ابنه المنشد وعندما أصبح الأب ذاته في بطانة ابنته الصغيرة.
وقد قالت كوكب الشرق، عن ذكرياتها مع أول زيارة لها للقاهرة، والتي لم تكن تتذكر عن المدينة الكبيرة بصورها الصاخبة، سوى محطة باب اللوق، ففي هذه المحطة اشترى لها والدها «كراملة»، وأعجبتها وجعلتها تتصور أن القاهرة هي بلد الكراملة الحلوة.
وأم كلثوم قالت: «في أول زيارة للقاهرة ذهبنا إلى قصر عزالدين بك يكن، وخرج صاحب القصر لاستقبالنا ونظر لي من تحت إلى فوق عدة مرات ثم سأل في دهشة هي دي اللي حتقرا في المولد؟، ولما هز ناظر العزبة رأسه موافقًا صاح عز الدين بك ايه لعب العيال ده، بلاش كلام فارغ انزل مصر حالًا وروحوا هاتوا الشيخ إسماعيل سكر يحيي لنا الحفلة، ووضعونا مع الخدم في البدروم».
وأضافت: «لم أدهش من هذه المعاملة، ولم أشعر بأي إهانة، وجلسنا الساعات في البدروم والشيخ إسماعيل سكر يغني للمدعوين، وبعد أن أطرب الشيخ سكر المدعوين واطمأن صاحب الحفلة على نجاح حفلته قال الثري عز الدين بك يكن، للخدم هاتوا البنت تغني ونشوف هتقول إيه، وخرجنا من البدروم إلى الدور الأول وصعدت على كنبة وبدأت أغني، ثم جاءني أحد الخدم وقال لي: الست عاوزه تشوف البنت في الحرملك، وأدخلونا صالونًا كبيرًا مليئًا بالأثاث الفاخر وسمعنا صوتًا يقول لنا اتفضلوا، وعاد الصوت يقول لنا اتفضلوا اتفضلوا، وعدنا نبحث عن صاحب هذا الصوت في أرجاء الصالون وعاد الصوت ليردد اتفضلوا وهنا رأيت صاحب الصوت أنه طائر في قفص»؟.
وبعدها عدوت مع أخي في الصالون من الفزع، واصطدمت عند الباب بحرم عز الدين بك يكن، وأنا أرتجف من شدة الخوف، وراحت تهدئ من روعي وتسألني عن سبب فزعي فرحت أصرخ غراب، غراب بيتكلم!.
وضحكت صاحبة البيت وقالت لها: «إنه ليس غرابًا وإنه ببغاء والببغاوات تتكلم»، وعدت إلى قريتي أحدث أصدقائي وصديقاتي عن القاهرة بلد العجائب، إنها البلد الذي تتكلم فيه الغربان كنت أغني بلا إحساس بلا شعور، كنت أغني الأغاني التي أسمعها من أبي بنفس الطريقة التي يردد بها التلميذ الصغير جدول الضرب وقواعد النحو والصرف، وفقًا لمجلة «الكواكب».