فيلم قديم: العزيمة 1939
احتل العزيمة الترتيب الأول في أهم مائة فيلم مصري، وتم اختياره في استفتاء مكتبة الاسكندرية 2007 في الترتيب (6) وقد اختيرت قائمتها علي أساس تاريخ الانتاج من الأقدم للأحدث, وفي قائمة أفضل مائة فيلم عربي التي تم اختيارها بمهرجان دبي, جاء في الترتيب (64), أخذت مناظره باستوديو مصر، بلغت تكاليف إنتاجه 9000 جنيه، حصلت فاطمة رشدي علي 160 جنيهًا, وكان أجرًا مغاليًا فيه, حيث لم تحصل ممثلة من قبل علي هذا الأجر, بينما تقاضي حسين صدقي 80 جنيهًا, كان مرشحًا للقيام بالدور محمود المليجي لولا سفره لتقديم عرض مسرحي, فأسند الدور لحسين صدقي, وتقاضي زكى رستم 50 جنيهًا، وعبد العزيز خليل 45 جنيهًا, ومارى منيب 35 جنيهًا, وكل من أنور وجدى وعباس فارس وحكمت فهمى 20 جنيهًا, وعبدالسلام النابلسى 5 جنيهات, ومحمد الكحلاوى 2.5 جنيه, وكل من مختار عثمان وأحمد شكرى جنيهين, وتقاضي بقية الممثلين جنيهًا واحدا. أما أجر المخرج كمال سليم ولأنه كان موظف بستوديو مصر فكان راتبه الشهري 30 جنيهًا, وبعد انجاز الفيلم حصل علي مكافأة 50 جنيهًا .
قوبل الفيلم بمشاكل عديدة بدءًا من اسمه (في الحارة) والذي تغير إلي (العزيمة) حسب ما رواه المخرج صلاح أبو سيف (مساعد مخرج آنذاك) للكاتب ناصر عراق : "رفضت الرقابة هذا الاسم، باعتبار أن السينما يجب أن تعرض على الناس القصور والحدائق والمطاعم الفاخرة، لا الحوارى والأزقة والمقاهى الشعبية، فتم تغييره إلى (العزيمة), ويذكر خالد محمد غازي في كتابه "فاطمة رشدي.. حياة ورجال واسرار" صادر عن وكالة الصحافة العربية (ناشرون) : "أثناء تصوير الفيلم اعترض الفنيين الألمان الذين يعملون بشركة ستوديو مصر علي أن الفيلم تخطي الميزانية المسموح بها, وقرروا إحالة الأمر إلي لجنة كل أعضاءها من الألمان, والتي رفضت استكمال الفيلم, مما أثار حفيظة جميع العاملين, وتزعم المخرج فريتز كرامب جبهة الرفض, حتي وصل الضيق بالمخرج كمال سليم إلي التفكير في قتله, واشتري بالفعل مسدس, لكن صلاح أبو سيف قرر القيام بالمهمة حتي يتم استكمال الفيلم لولا قرار اللجنة باستمرار تصوير الفيلم, الأمر الذي أغضب الألمان فقاموا بإحراق فصلين من الفيلم, قام كمال سليم بإعادة تصويرهما مرة أخري, وكذلك اعتذار مدير الصوت ومدير التصوير فأستعان المخرج كمال سليم بالمصور المجري فيرى فاركاش, ولم تكن المفاجأة نجاح الفيلم محققا ربع مليون جنيه في سابقة لم تحدث، حيث استمر عرضه لمدة 38 أسبوعًا, وإنما لاحتلاله قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
فيلم العزيمة
كتب الناقد الفرنسي الكبير جورج سادول عن فيلم "العزيمة" الذي اختاره ضمن أفضل 100 فيلم في العالم, "إنه حدثاً خطيراً في السينما المصرية التي كانت تهيمن عليها الأفلام الغنائية والمسليات السمجة والمغامرات الغريبة الوهمية والميلودرامات المبكية، لأنه أظهر الواقع اليومي والحياة الشعبية بصدق وشاعرية، وتذوق الجمهور هذا التجديد وقدّره تقديراً كبيراً، خلافاً لما كان متوقعاً".. كما اختار "سادول" 7 مشاهد هي الأقوي في تاريخ السينما المصرية, كان من بينها المشهد الذي يظهر فيه المحضر لكي يحجز علي منقولات دكان الأسطي"حنفي" لأنه عجز عن سداد الايجار لمدة ستة أشهر متوالية، بينما الجزار "العتر" وقف شامتًا، وجاء الحصان الذي يجري في الساحة استعراضًا للقوة والمال، فيما يقوم الجزار بشراء "الكارتة" التي يقودها الحصان.. ويفتح محفظته المليئة بالنقود ويدفع مائة وعشرين جنيهًا .. بينما الحبيبة تنظر من البلكونة لتشاهد هوان حبيبها وشماتة منافسه علي حبها.. والفرس يجري ليقول إن القوة هي التي تكسب في النهاية.. ينتهي المشهد بالحانوتي الذي ظل يدعو الله طوال الليل أن يرزقه بميت يأخذ مقابل دفنه بضعة جنيهًات يدفعها لمحضر المحكمة ويفك حجز الدكان ويوقف عملية البيع بالمزاد!".
كتب الفريد فرج في مجلة التحرير: قصة فيلم "العزيمة" صورت في صدق الصناع وأصحاب الدكاكين في حارة قاهرية, وصفقت لبطولاتهم الصغيرة في معركة الحياة.. كما صورت قصة "العزيمة" شباب الفقراء المثقفين وتطلعهم للحب والحياة في صدق بليغ وصورت نمطا من شباب أشباه الاقطاعيين والباشوات في حياتهم الفارغة المنحلة, وكانت قصة "العزيمة" التي أخرجت في فجر الحركة الأدبية الواقعية تؤكد قداسة العمل كقيمة أساسية للمجتمع.