ملامح في مسيرة استيفان روستى.. الأرستقراطى الشرير
ولد الفنان ستيفان روستى من أب نمساوى يعمل سفيرا للنمسا فى القاهرة، وأم إيطالية عاشت فى مصر، وعندما ترك والده العمل السياسى، ورغب فى العودة إلى بلاده، رفضت الأم الرحيل معه، وقررت البقاء مع ابنها فى مصر، وحتى تهرب من محاولة والده لخطفه اختفت مع ابنها وهربت به إلى الإسكندرية وعاشا فى منطقة رأس التين.
وأثناء دراسة استيفان روستى ظهرت موهبة التمثيل لديه حتى إنه عندما كان تلميذاً بمدرسة رأس التين الثانوية حذره المدرس من الاستمرار فى عمله ممثلا إلا أنه رفض بدعوى أنه لا يستطيع البعد عن التمثيل، وانتهى الأمر إلى فصله من المدرسة فتقدم إلى مصلحة البريد ليعمل «بوسطجى» وتم قبوله واستلم عمله، وقبل مضى ثمانية أيام على تعيينه جاء إلى مصلحة البريد تقرير من المدرسة الثانوية بأن استيفان يعمل ممثلا وقت أن كانت النظرة إلى التمثيل والفن محرمة لدى البعض ويعتبرها الناس من الأمور «المعيبة»، فما كان من مصلحة البريد إلا أن طردته، وعندما وجد استيفان نفسه بلا عمل وما يحصل عليه من التمثيل لا يكفيه هو ووالدته قرر السفر إلى إيطاليا بحثا عن عمل ولدراسة التمثيل هناك.
وفى إيطاليا أتاحت له الظروف أن يعمل مترجما، ومن خلال عمله التقى بكبار النجوم هناك وكان يتردد على المسرح الإيطالى وأتيحت له فرصة ممارسة السينما عمليا هناك، فعمل ممثلا ومساعدا فى الإخراج ومستشارا فنيا لشؤون وعادات وتقاليد الشرق العربى للشركات السينمائية الإيطالية التى تنتج أفلاما عن الشرق والمغرب العربى، بعد ذلك سافر استيفان إلى فرنسا وعمل فى السينما هناك ومن باريس سافر إلى فيينا ليشارك فى إحدى الروايات المسرحية.
وفى عام 1924 عاد استيفان إلى مصر، وأمام صعوبات الحياة تزوجت أمـه فيما بعد من أحد الإيطاليين، فبدأت متاعب استيفان فقرر أن يهجر البيت واتجه إلى العمل المسرحى، حيث طلب مقابلة عزيز عيد ليمنحه فرصة، وفوجئ «عيد» صاحب الفرقة بشاب يقف أمامه ويجيد الفرنسية والإيطالية بطلاقة فقرر أن يلحقه بفرقته.
وانضم بعدها إلى فرقة نجيب الريحانى وقام بدور حاج بابا فى رواية «العشرة الطيبة» فى كازينو دى بارى الذى تحول فيما بعد إلى استديو مصر، ثم عمل بعد ذلك فى فرقة يوسف وهبى ووصل إلى القمة، كما قام بتعريب العديد من الروايات لفرقة يوسف وهبى والتى حققت نجاحا كبيرا فى ذلك الوقت.
فى هذا التوقيت وفد إلى مصر التركى «وداد عرفى» وقام بالاتصال بالوسط الفنى على أنه مخرج سينمائى، وأن شركة ماركوس الألمانية أوفدته إلى مصر لاختيار ممثلين يظهرون فى أفلام هذه الشركة التى سيجرى تصويرها فى مصر، ورغم أن مشاريع وداد عرفى لم تر النور إلا أنه حقق شهرة وأثار اهتمام الأوساط الفنية حتى جاءت عزيزة أمير، وكانت نجمة لامعة فى ذلك الوقت، وكونت أول شركة إنتاج سينمائى باسم «إيزيس فيلم» فاستعانت بوداد عرفى ليقوم بتأليف الفيلم والإخراج وتمثيل الدور الأول أمامها وكان اسم الفيلم «يد اللـه»
لجأت عزيزة أمير إلى استيفان روستى لما يتمتع به من تجربة فى ميدان السينما خارج مصر وعهدت له بإخراج نفس الفيلم مرة أخرى، واستعانت بالصحفى أحمد جلال ليكتب القصة من جديد وكان الاسم الجديد للفيلم هو «ليلى»، وقام استيفان بإخراج الفيلم وتم الانتهاء منه بنجاح وعرض بسينما متروبول فى 16 نوفمبر عام 1927 فى حفل حضره طلعت بك حرب وأمير الشعراء أحمد شوقى وحشد كبير من الفنانين والصحفيين ولاقى الفيلم نجاحا كبيرا ليكون أول فيلم روائى مصرى مائة بالمائة فى إنتاجه وتأليفه وإخراجه وتمثيله، وبعد هذا الفيلم سارت عجلة السينما فى مصر إلى الآن.
ولم يكن فيلم «ليلى» هو الوحيد الذى أخرجه استيفان، فهناك العديد من الأفلام التى أخرجها مثل: «عنتر أفندى»، «الورشة»، «ابن البلد»، «أحلاهم»، «جمال ودلال»، كما كان لاستيفان فضلا عن التمثيل والإخراج موهبة التأليف فـفى عام 1958 شارك مع زكى صالح فى تأليف فيلم «قاطع طريق» الذى مثله مع هدى سلطان ورشدى أباظة، كما شارك فى تأليف فيلم «لن أعترف» وكذلك فيلم «ابن ذوات».
قدم استيفان روستى طوال مشواره الفنى حوالى 380 فيلما سينمائيا من تمثيل وإخراج وتأليف، استطاع فيها أن يقدم أداء تمثيلياً فريداً من نوعه لم يقلد فيه أحدا ولم يتمكن أحد من تقليده، برز فى أدوار الشر الجميل والكوميديا حتى أصبح ألمع وأظرف أشرار السينما المصرية فقد ترك بصماته الواضحة ولمساته المتفردة ذات النكهة الخاصة على شخصيات من نوعية «النذل، الانتهازى، المنافق، القواد» ولا أحد يستطيع أن ينسى جمله المأثورة فى أفلامه مثل (نشنت يافالح، والنبى صعبان عليا، مرحب يادنجل، مشروب البنت المهذبة).
قام بالتمثيل فى كثير من الأفلام ومزج بين أدوار الشر والكوميديا وتنوع عمله حيث كتب القصة والسيناريو لأفلام كثيرة أهمها البحر بيضحك مع أمين عطا الله سنة 1928، وقام بإخراج فيلم صاحب السعادة كشكش بيه سنة 1931 لنجيب الريحانى، وكانت القصة والسيناريو من إعداد بديع خيرى ونجيب الريحانى واستيفان روستى.
أول أفلام استفان روستى هو فيلم «ليلى» مع عزيزة أمير سنة 1927، هذا الفيلم بدأ إخراجه وداد عرفى المخرج التركى لكنه اختلف مع عزيزة أمير فاسندت إخراجه إلى استيفان روستى وقام بالاشتراك معها ومع أحمد جلال فى الإخراج والقصة والتمثيل، وكان هذا الفيلم الصامت أول إنتاج روائى طويل للسينما المصرية.
وستمرت مسيرته الفنية حتى عام 1964، حتى توفى يوم مايو 1964.